بيان صحفي

لبنان: خبير في الفقر من الأمم المتحدة: الحكومة تخذل الشعب

١٢ نوفمبر ٢٠٢١

  • بيروت (12 نوفمبر/تشرين الثاني 2021) – رأى خبير في حقوق الإنسان في الأمم المتحدة اليوم أن ما قامت به السلطات اللبنانية من تدمير للعملة الوطنية، وإدخال البلد في مأزق سياسي، وتعميق أوجه عدم المساواة التي طال أمدها، قد أغرق لبنان في فقر مدقع.

 

"لبنان ليس دولة منهارة بعد، لكنه على شفير الانهيار، وحكومته تخذل شعبها". هذا ما قاله السيد أوليفييه دي شوتر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان في ختام زيارته للبلد التي امتدت على 12 يوماً. "لقد كان ذات يوم منارة تسترشد بها المنطقة: مستوياتٌ عالية في التنمية البشرية وقدرات كبيرة.

"أدى تدمير الليرة اللبنانية إلى تخريب حياة الناس وإفقار الملايين. وتسبب تقاعس الحكومة عن مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة بحالة بؤس شديد لدى السكان، ولا سيما الأطفال والنساء وعديمي الجنسية والأفراد الذين لا يحملون وثائق، والأشخاص ذوي الإعاقة الذين كانوا مهمشين أصلاً".

وقال الخبير إنّ "الأزمة المصنّعة" تدمّر حياة السكان، وتحكم على الكثيرين بفقر سيتوارثه الناس جيلاً بعد جيل. وأضاف "في حين يحاول السكان البقاء على قيد الحياة يوماً بعد يوم، تضيّع الحكومة وقتاً ثميناً في التهرب من المساءلة وتجعل من اللاجئين كبش فداء لبقائها".

"وأوجه عدم المساواة في لبنان عند مستويات غير مقبولة منذ أعوام. وحتى قبل الأزمة، كانت فئة أغنى 10 في المائة من السكان تحصل على دخل يزيد خمس مرات عن فئة أفقر 50 في المائة منهم. وهذا المستوى الصارخ من عدم المساواة يعززه نظام ضريبي يكافئ القطاع المصرفي، ويشجّع التهرب الضريبي، ويركّز الثروة في أيدي قلّة. وفي الوقت نفسه، يتكبّد السكان ضرائب تنازلية تصيب أكثر ما تصيب أشد الناس فقراً. إنها كارثة من صنع الإنسان، استغرق صنعها وقتاً طويلاً.

"مقلقٌ كيف أن القيادة السياسية تبدو غير راغبة في تبيان العلاقة بين الإصلاح الضريبي وتخفيف حدة الفقر، وتقلّل من شأن ما يمكن أن تحققه أنظمة الحماية الاجتماعية من فوائد في إعادة بناء الاقتصاد، ولا سيّما في أوقات الأزمات. وللأسف، ما من خطة موثوقة لتخفيف حدة الفقر أعلمتني بها الحكومة إلا وتعتمد على المانحين الدوليين والمنظمات غير الحكومية.

ورأى دي شوتر أنّ الاعتماد على المعونة الدولية ليس مستداماً، وأنّه في الواقع يضعف مؤسسات الدولة. وقال "التقيت خلال زيارتي بأشخاص يعتمدون على المنظمات الدولية وغير الحكومية للبقاء على قيد الحياة، وأطفالٍ صغار حلمهم الوحيد أن يغادروا  البلد في أقرب وقت ممكن، ونساءٍ يتحملن العنف المنزلي ويقطتعن من وجباتهن لحماية أطفالهن، وشبابٍ في مقتبل الحياة لا آفاق لحياتهم". "يحتاج هؤلاء الناس اليوم إلى حلول موثوقة، ويساورني قلق عميق من أن الحكومة لا تأخذ محنتهم على محمل الجد".

وأضاف "معروفٌ أن لبنان يتكبّد مستويات عالية من الديون، لكن ارتفاع نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لا يؤدي بحد ذاته إلى أزمة ديون. "السؤال المطروح هو علامَ أنفق القادة السياسيون الموارد. على مدى عقود، تجاهل لبنان الحاجة إلى سياسات اجتماعية، من برامج قوية في الرعاية الاجتماعية وبنى أساسية للخدمة العامة، وركز بدلاً من ذلك على القطاعات غير المنتجة مثل المصارف، مضاعفاً الدين العام باستمرار، ومكرساً تلك الموارد لخدمته".

"من المذهل التقصير في المسؤولية على أعلى مستويات القيادة السياسية. وبينما التقيت بمسؤولين مخلصين على مستوى صغار الموظفين، صدمت بانفصال المؤسسة السياسية عن واقع الذين يعيشون في فقر على الأرض. فالأطفال يجبَرون على ترك المدرسة والعمل في ظروف غير آمنة، واللاجئون واللبنانيون في المناطق الحضرية والريفية على حد سواء يفتقرون إلى مياه الشرب المأمونة والكهرباء، وموظفو المدارس والمستشفيات العامة يغادرون البلد بعد أن طالهم الفقر".

ويفتقر لبنان إلى نظام شامل للرعاية الاجتماعية كان من شأنه أن يخفف من آثار الأزمة التي ضربت ومعظم السكان من غير حماية. وقال الخبير "يجب على الحكومة أن تعطي الأولوية لوضع حد أدنى من الحماية الاجتماعية الشاملة، بما في ذلك التأمين ضد البطالة، ومستحقات الأطفال، ومعاشات الشيخوخة والإعاقة، ومستحقات المرض والأمومة أو الأبوة، وكلها كانت ستحمي العمال أثناء الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19".

"لبنان لديه فرصة لإعادة النظر في نموذجه الاقتصادي. ولن يؤدي الاستمرار في تحفيز نموذج فاشل قائم على الريعية وعدم المساواة والطائفية إلا إلى إغراق السكان أكثر في العوز. وإلى أن يتم اقتراح خطة موثوقة لتحويل الاقتصاد، ومعالجة عدم المساواة، وضمان العدالة الضريبية، والحؤول دون المزيد من المآزق السياسية، لن يأخذ المجتمع الدولي الإصلاحات على محمل الجد".

"لا تزال العلاقة المعقّدة بين الطبقة السياسية والقطاع المصرفي مقلقة للغاية. وعلى الحكومة أن تكون قدوة وأن تكشف علناً عن جميع الإيرادات والحصص والمصالح المالية، وأن تخصّص الموارد لآليات المساءلة الحقيقية. ولن يصدّق المجتمع الدولي التزامات الحكومة بالإصلاح إلا إذا التزمت بشكل جدي بمبدأ الشفافية".

"لقد بدأ صبر مجتمع المانحين ينفد مع الحكومة اللبنانية. بعد خسارة 240 مليون دولار أمريكي نتيجة التلاعب بأسعار الصرف التعسفية، يجب أن يلمس المجتمع الدولي جدية الحكومة في تطبيق الشفافية والمساءلة. ومن شأن اعتماد نهج قائم على الحقوق أن يوجه جهودها على هذا المسار".

زار المقرر الخاص بيروت وطرابلس ومنطقة عكار ووادي البقاع بين 1 و12 تشرين الثاني/نوفمبر. واجتمع برئيس الوزراء ميقاتي وثمانية وزراء في الحكومة، وحاكم المصرف المركزي، ورئيس مجلس النواب، بعد أن تحدّث مع أشخاص يعانون من الفقر، ومع منظمات المجتمع المدني، ومجتمع المانحين، ووكالات الأمم المتحدة، والبلديات.

*********

صور زيارة المقرر الخاص إلى لبنان متاحة لاستخدام الصحفيين عبر https://bit.ly/pictLEBhd

عيّن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة السيد أوليفييه دي شوتر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان في 1 أيّار/مايو 2020. والمقررون الخاصون جزءٌ مما يُعرف بالإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان. والإجراءات الخاصة، وهي أكبر هيئة من الخبراء المستقلين في منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، هو الاسم العام لآليات تقصّي الحقائق والرصد المستقلة التابعة للمجلس التي تعالج إما حالات قطرية محددة أو قضايا مواضيعية في جميع أنحاء العالم. ويعمل خبراء الإجراءات الخاصة على أساس طوعي؛ وهم ليسوا من موظفي الأمم المتحدة ولا يحصلون على راتب مقابل عملهم. كما أنهم مستقلون عن أي حكومة أو منظمة ويخدمون بصفتهم الفردية.

لمزيد من المعلومات وللطلبات الإعلامية، يرجى الاتصال بجونكو تاداكي (+41 22 917 9298/ junko.tadaki@un.org) وإيزابيل ديلفورج (+32498522163 / isabelle.delforge@srpoverty.org أو media@srpoverty.org)

للاستفسارات الإعلامية المتعلقة بخبراء مستقلين آخرين في الأمم المتحدة، يرجى الاتصال بريناتو دي سوزا (+41 22 928 9855 / rrosariodesouza@ohchr.org).

جيسي شاهين

جيسي شاهين

المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان
المسؤولة الإعلاميّة

كيانات الأمم المتحدة المشاركة في هذه المبادرة

المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان

الأهداف التي ندعمها عبر هذه المبادرة