مؤتمر صحفي حول تمديد خطة الاستجابة للطوارئ في لبنان
بيان افتتاحي للمنسقة المقيمة للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية في لبنانK السيدة نجاة رشدي.
السيدات والسادة، ممثلو المؤسسات الإعلامية،
الشركاء، والزملاء، والأصدقاء الأعزاء،
أرحّب بكم في بيت الأمم المتحدة، وأشكركم على حضوركم معنا اليوم،
مضى أكثر من عامَيْن على بداية الأزمة في لبنان، واللُّبنانيون يتشبَّثون بِخَيطٍ رفيعٍ في ظِلّ التحديات الجمّة التي يواجهونها، فتَأرجَحت سُبُل عَيشِهم بين المَعلومِ والمجهول، وانتَفَت آمالُهم.
في جولاتي الميدانية المُعتادة، إستمعتُ إلى قصص الناس التي يَغلُبُها الألم والمعانات. التقيتُ بشباب وشابات يتشاطرون أحلاماً بسيطة كالذهاب إلى المدرسة، ولكنهم اليوم يكافحونَ للحصول على فرصة عمل في القطاع غير النظامي بُغية إعالة أُسَرهم، فيما يسعى آخرون إلى مغادرة البلاد والبدء بحياة جديدة في مكانٍ آخر تاركين خلفهم بلاد تَستَنزِف يوماً بعد يوم موردها الأغلى والأثمن وهو رأسمالها البشري.
أرى اليوم العديد من الوجوه المألوفة التي شارَكَت في المؤتمر الصحفي المنعقد العام الماضي حيث ناقشنا فيه النتائج الأوّلية لخطة الاستجابة للطوارئ للبنان. ولكن، مع الأسف، تفاقَمَ الوضع بشدّة في أقل من عامٍ وشَهِدَ تدهوراً حاداً.
فوفقاً لتقديرات البنك الدولي، من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6,5 في المائة في عام 2022، وذلك بعد انخفاضٍ بنسبة 10,5 في المائة و21,4 في المائة في عامي 2021 و2020 على التوالي. هذا ويواصل سِعر الصّرف انخفاضَهُ الحاد، بحيث فقدت الليرة اللبنانية 95 في المائة من قيمتها بحلول حزيران/ يونيو 2022، فيما بلغ التضخم التراكمي 890 في المائة منذ بداية الأزمة. كذلك، أثّرت الحرب في أوكرانيا على التدهور الاقتصادي والاجتماعي القائم في البلاد حيث انعكسَ بشكلٍ رئيسي في استنفاد احتياطيات القمح وارتفاع أسعار النفط التي أدت إلى ارتفاعٍ حادّ في أسعار الخبز وتسبَّبت في تهديد الأمن الغذائي.
أمّا بعد، فإذا بمعدلات البطالة التي تُشكل إحدى أوجه الفقر، ترتفع ارتفاعاً ملحوظاً فيتدنّى الحد الأدنى للأجور ليصل إلى أقل من 25 دولاراً أميركياً في الشهر، مما تسبَّبَ في انخفاضٍ ملحوظ في الدّخل وفي القدرة الشرائية. ويقدّم مسح القوى العاملة الصادر عن منظمة العمل الدولية في كانون الثاني/ يناير 2022، صورة مُرَوِّعة للقوى العاملة اللبنانية التي تُكافح في ظل هذه الأوضاع حيث تبيَّنَ أنّ ما يقرب من ثلث القوى العاملة في لبنان عاطلة عن العمل، في حين ارتفع معدل البطالة الإجمالي بشكل كبير من 11,4 في المائة خلال 2018-2019 إلى 29,6 في المائة في عام 2022.
أما معدلات البطالة بين الشباب فباتت غير محمولة حيث بلغت 47,8في المائة بين فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة. وبلغت ظاهرة البطالة أَوَجّها حيث طالت جيلاً كاملاً من المُنتِجين والمُبدِعين الذين يمكنهم انتشال البلد من أزماته ومساعدته على البناء قُدُماً تحقيقاً للبنان أفضل.
وقد انعكست زيادة أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية في الأشهر الأخيرة على أسعار البنزين والمازوت والغاز في لبنان، مما أثّر بشكلٍ وخيم على الناس فهدَّد حياة الآلاف من العائلات ودفع بها إلى حافة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية وربما الجوع.
وتُشير التقييمات الأخيرة إلى أنه بنهاية العام الحالي سيحتاج 2,2 مليون شخص إلى دعمٍ عاجل لتأمين الوصول إلى الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى، ما يشكل زيادة بنسبة 46 في المائة مقارنة بالعام الماضي. كما تظهر أن 90 في المائة من الأُسَر في لبنان تستهلك الآن طعاماً أقل كلفةً، في حين تقوم 60 في المائة من الأُسَر بتقييد حجم حصتها الغذائية، وتقلّل 41 في المائة من الأسر عدد وجباتها الغذائية في اليوم، وبالطبع فإنّ الأطفال هم الأشد تضرراً من كل ذلك.
هذه الأرقام مثيرة للقلق إذ تحثّنا على دقّ ناقوس الخطر بشأن انعدام الأمن الغذائي في البلاد. وهو ما يُحفِّزُني على التأكيد مرة أخرى على ضرورة وجود سياسة حماية اجتماعية متكاملة وشاملة تساعد على ضمان وصول الناس إلى الخدمات الأساسية واعتماد أجندة التعافي والإصلاح بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان. فهذه برأيي هي الاستراتيجية الوحيدة الممكنة للخروج من الوضع الراهن لأنها ستساعد على الرّبط بين التدخلات الطارئة القصيرة الأمَد، والنّهج القائم على الحقوق على المدى الطويل والذي يضمن مستقبل كريم لجميع الناس.
لقد عَمِلَت الأمم المتحدة عن كَثَب مع الحكومة اللبنانية لوضع اللَّمَسات الأخيرة على الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية. وأغتنم هذه الفرصة لأرحب بإقرار الحكومة على المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي للإستجابة للأزمـة في وقت سابق من هذا العام. وعلى الرغم من هذا التقدم، فإن هذا المشروع الطارئ ليس كافياً على الإطلاق نظراً للزيادة المطّرِدَة في احتياجات الأُسَر.
في الوقت نفسه، قطاع الصحة في لبنان على وشك الانهيار في وقت تتزايد فيه الاحتياجات إلى خدمات الصحة بشكل كبير. على سبيل المثال لا الحَصر، يحتاج 1,95 مليون شخص في جميع أنحاء لبنان إلى خدمات صحية إنسانية، بزيادة قدرها 43 في المائة منذ شهر آب/أغسطس 2021. ومن الواضح أن هذه الاحتياجات المتزايدة ناجمة عن انعدام القدرة على الوصول إلى الخدمات الصحية، بما في ذلك عدم توفر الأدوية والقدرة على تحمُّل تكلفتها، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف العلاج في المستشفيات، وإنهاك مراكز الرعاية الصحية الأولية، وغيرها من الأسباب. والمؤسف أنّ الوضع أكثر خطورة بالنسبة للمرضى الذين يحتاجون إلى أدوية للأمراض المزمنة والمُستَعصية، كمَرضى السَّرطان مثلاً، حيث أصبحت تلك الأدوية والعلاجات إما غير متوافرة، أو في حال توفّرت تكون بأسعار باهظة.
فضلًا عن ذلك، تعاني المستشفيات من نقصٍ حاد في الإمدادات الطبية ونقصٍ في الكهرباء، في وقت غادر فيه أكثر من 40 في المائة من الأطباء و30 في المائة من الممرّضات لبنان منذ بداية الأزمة الاقتصادية، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. وفي تصريح حديث لوزير الصحة العامة، الدكتور فراس أبيض، قال أنّ القطاع الصحي هو بمثابة "قنبلة على وشك الانفجار في أيّ لحظة"، وهذا بالطبع مُثيرٌ جداً للقلق!
وما يدعي للقلق أيضاً هو صعوبة وصول الناس لمياه الشرب الصالحة نتيجة لنقص الكهرباء. فما يقرب من 4 ملايين شخص يواجهون خطر الحرمان من حق الوصول إلى المياه الصالحة للشرب في لبنان، ومن المتوقع ألا تكون إمدادات المياه البديلة في متناول الأسر الأكثر ضعفاً، بسبب ارتفاع تكلفة الوقود وضعف كفاءة مؤسسات المياه. ومع حلول فصل الصيف، سيكون من الصعب على العديد من الأُسَر الحصول على المياه الصالحة للشرب كونَها غير قادرة على شراء المياه المُعَبَّأة، مما يُجبرها على استخدام مصادر غير موثوقة وغير صحية تُعرِّض صحَّة أفرادها للخطر.
أيها الحضور الكريم،
تؤثّر الأزمة الحالية في لبنان على الجميع، في كلّ أنحاء البلاد، وتتحمَّلُ النساء العِبْءَ الأكبر من تأثير هذه الأزمة المتعددة الأوجه.
للأسف، لا تلبث معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي والاستغلال الجنسي على ارتفاعٍ متواصل. لقد تلقَّينا العديد من التقارير والإفادات من نساءٍ وأطفال على نطاق جغرافي واسع، عن عدم شعورهم بالأمان في الأماكن العامة، مثل الشوارع والأسواق، أوعند استخدام وسائل النقل العام. فلقد تسببت الأزمة إلى تفاقم حالات انعدام المساواة بين الجنسين والتمييز ضد المرأة، حيث أنّ غالبية النساء في لبنان، أي ما يوازي 75 في المائة مِنْهُنَّ، عاطلات عن العمل، ومن بين الـ25 في المائة مِمَّن يَعْمَلنَ، يعاني 10 في المائة مِنهُنّ من البطالة مقارنة بـ5 في المائة فقط لدى الرجال.
وللأزمةِ أيضاً تأثيرٌ كبيرٌ على الظروف المعيشية للأطفال، فوفقًا لتقريرٍ نَشَرَتهُ اليونيسف مؤخراً، مئات الآلاف من الأطفال في لبنان ينامون وهُم جياع، وكثير منهم لا يتلقّون الرعاية الصحية التي يحتاجون إليها ولا يمكنهم الذهاب الى مدرستهم بسبب انخراطهم في عمالة الأطفال، وهي واحدة من أسوأ إستراتيجيات التكيُّف التي تتبناها الأسر الفقيرة. في الواقع، يزداد هذا الواقع سوءاً يوماً بعد يوم، وتتعرض صحة الأطفال وسلامتهم للخطر. كما تظهر تقاريرنا أنه منذ كانون الأول/ديسمبر 2020، انخفض التطعيم الروتيني للأطفال دون سِنّ الخامسة بشكل مطّرد.
ومن المُقلق أنّ 460,000 طفل وامرأة بحاجة إلى خدمات التغذية. فقد أظهر مسح التغذية SMART لعام 2021 أنّ أكثر من 40 في المائة من الأطفال دون سِنّ الخامسة والنساء في سّنّ الإنجاب، يعانون من شكلٍ من أشكال فقر الدم المرتبط بسوء التغذية، في حين يقدَّر أنّ نحو 200,000 طفل دون سنّ الخامسة يعانون من أحد أشكال سوء التغذية، وحوالي 7 في المائة من الأطفال يعانون من التقزّم، وهو مؤشر مقلق لسوء التغذية المزمن. لسوء الحظ، هذا واقعٌ مَرير من المُحتمل أن يتفاقم إذا استمرّ تصاعُد انعدام الأمن الغذائي. كذلك، أظهر مسحٌ آخر متعلق بشؤون التغذية أُجرِيَ مؤخراً بين اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين أنّ 9 من كل 10 أطفال لا يحصلون على التغذية التي يحتاجون إليها للنمو في وقت لاحق في حياتهم.
أما على مستوى التعليم، فيكافح أكثر من 65,000 فتى و70,000 فتاة من أجل الحصول على التعليم بسبب سوء أوضاعهم الاقتصادية بالإضافة إلى انخراطهم في عمالة الأطفال، في حين أنّ 43 في المائة من الأطفال المهاجرين غير مُسَجَّلين على الإطلاق في المدارس.
بالإضافة إلى ذلك، يحتاج 350,000 طفل وطفلة إلى خدمات الحماية بسبب استمرار تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي ونقص السّلع الأساسية والخدمات الاجتماعية. وقد ارتفع مستوى الضغوطات النفسية على كلّ من الأطفال ومقدّمي الرعاية لهم بشكلٍ ملحوظ، مما أدى إلى ارتفاع حالات عمالة الأطفال واستغلالهم وإساءة معاملتهم. لا بدّ من وضع حدٍّ لتلك الانتهاكات بحقّ الأطفال! فهم مستقبل لبنان، ونحن مُلزَمون بدعمهم وتمكينهم وحمايتهم الآن، لتجنب "ضياع جيل بأكمله".
لقد تطلّب التدهور السريع للوضع الإنساني في لبنان استجابةً راسخة من الفريق القُطري للعمل الإنساني، حيث أطلق الفريق، تحت قيادتي، خطة الاستجابة الإنسانية للطوارئ (وهي خطة مُتّسِقَة ومتعددة القطاعات تمتد على 12 شهراً وتهدف إلى تلبية احتياجات السكان الأكثر ضُعفاً من بين اللبنانيين والمهاجرين واللاجئين الفلسطينيين في لبنان. والجدير بالذكر أنّ خطة الطوارئ هذه الهادفة إلى إنقاذ الأرواح والتخفيف من معاناة الناس على المدى القصير تُكمّل خطة الاستجابة للأزمة السورية في لبنان المعروفة بالـLCRP، والتي تُعنى بمعالجة آثار الأزمة السورية على لبنان.
ولكن ما هو أكيد أنّه لا يمكننا الاستمرار في إيجاد حلول قصيرة المدى لوضع حدّ للاحتياجات الإنسانية. فنحن بحاجة إلى حلولٍ مستدامة تعالج الأسباب الجذرية للأزمات المتفاقمة في لبنان. ويكمن ذلك في مفهوم "التنمية الطارئة" الذي يتمحور حوله إطار الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة الذي تم توقيعه مؤخراً، والذي يمثل مرحلة انتقالية لتحقيق التنمية المستدامة بما يساعد على وضع حدٍّ للاحتياجات الإنسانية بالتركيز على صلة الربط بين العمل الإنساني والتنمية. ((Humanitarian-development nexus
السيدات والسادة، الشركاء الأعزاء،
منذ إطلاق الخطة في شهر آب/أغسطس 2021، وبفضل سخاء الجهات المانحة، تلقت خطة الاستجابة للطوارئ حتى الآن 51,4 في المائة من التمويل المطلوب، وهو ما يوازي مبلغ 197 مليون دولار أميركي. ومن خلال هذا التمويل، تمكنت الجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني من مساعدة أكثر من 600,000 من بين اللبنانيين والمهاجرين واللاجئين الفلسطينيين الأكثر ضُعفاً في لبنان ممَّن تضرّروا من الأزمة، وذلك منذ إطلاق الخطة حتى نهاية شهر نيسان/أبريل 2022.
فمنذ شهر آب/أغسطس 2021 وحتى نيسان/أبريل 2022، تم تزويد ما يقرب من 650,000 شخص بالمساعدات الغذائية شهرياً، من خلال تقديم الدعم العيني أو النقدي. كما تم دعم 300,000 شخص بالخدمات الصحية، بما في ذلك تزويدهم بأدوية الأمراض المُستعصية والمزمنة، وبالأدوية النفسية، والمنتجات الخاصة بالصحة الإنجابية؛ كما تم تزويد حوالي 286,000 شخص بالحد الأدنى من كمية المياه النظيفة التي يحتاجون إليها يومياً.
علاوةً على ذلك، ومن خلال الصناديق المشتركة التي يقودها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، أي الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ وصندوق لبنان الإنساني، قمتُ بتخصيص 53 مليون دولار أميركي منذ منتصف العام 2021 للمشاريع التي تركّز على قطاعات محدّدة وتلك المتعددة القطاعات من أجل إنقاذ الأرواح وحماية المدنيين المتضررين من بين مختلف الفئات السكانية في لبنان.
ومن خلال توفير الوقود في حالات الطوارئ، استطعنا دعم ما يربو على 600 مرفق صحي ومحطة ضخ للمياه لضمان توفير الخدمات المنقذة للحياة للسكان الأكثر ضُعفاً، وللمتضررين من أزمة الطاقة المستمرة، وضمان استمرار توفير الخدمات الأساسية في جميع أنحاء لبنان. لقد انتهت عملية توفير الوقود التي قادتها الأمم المتحدة بانتهاء المدة المحددة لها، لكن أزمة الطاقة لا تزال قائمة وتهدد إمدادات المياه الأساسية والخدمات الصحية في جميع أنحاء البلاد، مما يُعرّض حياة آلاف العائلات في لبنان للخطر. لذلك، أكرّر مناشدتي العاجلة للحكومة اللبنانية لإيجاد حلٍّ مستدام لأزمة الطاقة المستمرة واتخاذ إجراءات حاسمة لجهة اعتماد الإصلاحات الضرورية لمعالجة هذه المشكلة.
السيدات والسادة، ممثلو المؤسسات الإعلامية،
بعد مرور أحد عشر شهراً على إطلاق خطة الاستجابة للطوارئ في لبنان، لا تزال الاحتياجات الإنسانية تزداد بشكل مستمر وملحوظ.
وفقاً للتقييم الأخير للاحتياجات المتعدد القطاعات الذي أُجرِيَ على مستوى البلاد برمّتها، زادت الاحتياجات الإنسانية بنسبة 31 في المائة بين عامي 2021 و2022، حيث أنّ 2,2 مليون لبناني ولبنانية، و86,200 مهاجر ومهاجرة، و207,800 لاجئ فلسطيني ولاجئة فلسطينية في لبنان، يحتاجون حالياً إلى مساعدات طارئة، هذا بالإضافة إلى 1,5 مليون لاجئ سوري ولاجئة سورية. فهم عاجزون عن تحمّل تكاليف الصحة والغذاء والكهرباء والمياه والتعليم وإدارة مياه الصرف الصحي أو حتى الوصول إلى تلك الخدمات الأساسية، ناهيك عن عدم قدرتهم على تغطية تكاليف خدمات الحماية المنقذة للحياة.
وبحسب هذا التقييم، أفادت 85 في المائة من الأسر اللبنانية بأنها لم تتلقَّ أي نوع من المساعدة على مستوى الأسرة خلال الأشهر الثلاثة التي سبقت التقييم، بينما وصلت هذه النسبة إلى 95 في المائة بين أسر المهاجرين و66 في المائة بين أسر اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وهذا أمرٌ مُرَوّع يشير بوضوح إلى ضرورة العمل بجدّية لمعالجة المِحَن التي يواجهها الملايين من الناس في لبنان مِمّن هم في أمس الحاجة إلى المساعدة والدعم الإنساني.
لهذا السبب، وبالتعاون مع الجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني، والحكومة اللبنانية، والجهات المانحة التي لم تتوانَ يوماً عن تقديم الدعم، قُمنا بتمديد خطة الاستجابة للطوارئ حتى نهاية العام 2022.
هناك حاجة إلى مبلغ إضافي وهو 163 مليون دولار أميركي لتلبية الاحتياجات الإنسانية الإضافية للعدد المتزايد من الأشخاص المُستضعفين. وبالتالي، يكون قد بلغ مجموع التمويل المطلوب لخطة الاستجابة للطوارئ في لبنان منذ تاريخ إطلاقها في شهر آب/أغسطس 2021 حتى كانون الأول/ديسمبر 2022، 546 مليون دولار أميركي. وستساعد عملية تمديد الخطة ومراجعتها على تقديم الدعم الإنساني المنقذ للحياة لمليون شخص من بين اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين والمهاجرين المتأثرين بالأزمة الراهنة.
نحن مُمتنّون كثيراً لدعم الجهات المانحة المُطّرد لشعب لبنان، وأنا أّعول على جهودها المستمرة لمضافرة مساعيها على أرض الواقع على الرغم من التحديات التي نعرفها جميعاً.
أيها الحضور الكريم،
على الرغم من حجم المصاعب وحِدَّتِها، أرى شخصياً هذه الأزمة كفرصة للمضي قُدُماً بشكلٍ أفضل، ولإطلاق العنان للإمكانات التي يتمتّع بها هذا البلد في مسار التنمية والتعافي. فالمساعدة الإنسانية وحدها ليست الحل، بل الطريق الوحيد للخروج من هذه الأزمات المترسّخة هو تبني الإصلاحات اللازمة وتحقيق التنمية المستدامة.
شكرًا لاهتمامكم ولحسن إصغائكم. يسعدني الآن الإجابة عن أسئلتكم.