هل يمكنني حقًا إحداث فرق؟ الشعب اللبناني لديه الجواب
هل تؤدي الخطوات الصغيرة إلى تغيير كبير؟ هل فعلاً ما أفعله يحدث فرقًا؟ هذا ما يتساءله الناس في جميع أنحاء العالم مرات عدة في اليوم الواحد.
هل تؤدي الخطوات الصغيرة إلى تغيير كبير؟ هل فعلاً ما أفعله يحدث فرقًا؟ هذا ما يتساءله الناس في جميع أنحاء العالم مرات عدة في اليوم الواحد.
لدى الشعب اللبناني الجواب على هذه التساؤلات. ولبعض الناس بدأت التساؤلات في أجهزة الصراف الآلي في بهو إحدى البنوك في العاصمة بيروت، حيث توافد العملاء لسحب أموالهم من أجل شراء احتياجاتهم من طعام أو هدايا أو أشياء أخرى. لكن المشكلة كانت أن الحدّ الأقصى للسحب هو 4$ فقط. وقد تم توثيق ردّات فعل الناس والدهشة على وجوههم، من خلال كاميرات خفية زرعت في المصرف. فقال أحد العملاء: "هذا لا يمكن أن يكون صحيحا". وحاول مرة أخرى، ولكن لم يظهر على شاشة الصراف الآلي سوى 4$. حاولت الناس استخدام آلة أخرى، ولكن في كل مرة كان الحدّ الاقصى 4 دولارات فقط.
استدعى العملاء موظفي البنك للاستفسار عن الموضوع وكان الجواب أن الحدّ الأقصى للسحب اليومي هو 4$. فهل يمكنهم تلبية احتياجاتهم بهذا المبلغ؟ كلا. فكان لا بدّ من التفكير في أكثر من شخص واحد من بين أربعة أشخاص في لبنان ليس لديهم خيار سوى العيش على هذا المبلغ الضئيل - أو حتى أقل - يوميًا. فمعدل الفقر في البلاد مذهل بنسبة 30 في المائة.
أنتجت منظومة الأمم المتحدة العاملة في لبنان فيديو انتشر بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي مسجلاً حوالي 15000 مشاهدة في غضون ساعتين، وتم تغطيته في كافة وسائل الإعلام في لبنان. وكان هذا الفيديو بمثابة ذروة #TakeAStep #لازم_تفرق_معك، وهي حملة أطلقتها منظومة الأمم المتحدة في لبنان المؤلفة من حوالي 26 وكالة ومنظمة وصندوق. تهدف الحملة، التي لا تزال مستمرة، إلى دعوة اللبنانيين على اتخاذ خطوات يمكنها المساعدة في إنهاء الفقر وتحقيق السلام وسائر أهداف التنمية المستدامة.
عدد قليل من الخطوات العديدة
وقالت عبير عبيد، وهي فتاة لبنانية شاركت في هذه الحملة: "لقد كانت هذه الحملة دعوة لليقظة. نحتاج إلى العمل الجماعي من أجل خير الناس". تعمل عبير جاهدة للمساعدة في التعليم. وأضافت: "بدأت في تعليم الأطفال في المناطق الريفية في لبنان كلما دعت الحاجة. ثم عملت على جمع الأموال وشراء الكتب وإنشاء مكتبة في قرية ريفية".
وكما يحدث مع العديد من الأشخاص الذين يبدأون بعمل صغير، أصبحت عبير ملتزمة أكثر مع مرور الوقت. وقالت: "لقد عملت على مساعدة الأطفال الأقل حظًا في الحصول على التعليم الجيد الذي يستحقونه. لقد طوّرت منهجًا يستهدف اللاجئين السوريين. كل طفل الحق في التعلم".
لقد علمت عبيد كما آلاف آخرين من الأشخاص عن الحملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية والقنوات الأخرى التي استخدمتها وكالات الأمم المتحدة. تم تشجيع الأشخاص في جميع أنحاء البلاد على استخدام #TakeAstep على وسائل التواصل الاجتماعي عند نشر الخطوات التي اتخذوها أو التي سيلتزمون بها.
أما ملاك التركاوي، فلم تكن خطوتها الأولى ناجحة. ولكن بعد إجراء بعض الأبحاث السريعة على الإنترنت، أنشأت نموذجًا أوليًا لحقيبة قطنية قابلة لإعادة الاستخدام والتي كانت تأمل في تحويلها إلى علامة تجارية وبيعها. تعترف ملاك، وهي مواطنة سورية انتقلت للعيش في لبنان عام 2018 وتبلغ من العمر 19 عامًا، أن النموذج الأول للحقيبة كان قبيحًا.
لحسن الحظ، ليست ملاك من النوع الذي يستسلم بسهولة. وتقول: "أدركت أن أهم مرحلة في أي مشروع هي البحث". لذلك عادت إلى لوحة الرسم. وما دفعها إلى الاستمرار هو شغفها للحياة تحت الماء، وللحيوانات البحرية التي لا تعد ولا تحصى والتي تموت من التلوث البلاستيكي كل يوم. كانت تأمل أنه عندما يستخدم الناس الحقيبة القطنية القابلة لإعادة الاستخدام، فإن ذلك سيساعد على تجنيب بعض الحيوانات المصير الذي نراه غالبًا في الصور الإخبارية.
وبعد القيام بثمانية عشر نموذجاً أولياً، توصلت ملاك إلى ما أسمته "حقيبة بريو" أو “Brio Bag”، وبدأت بتسويقها. تقول ملاك إنها علمت أن "الطريقة الوحيدة للوصول هي السعي، وتطوير المهارات، والذهاب إلى العمل، وتعلم المزيد".
التعليم الجيد والحياة البحرية ليسوا سوى اثنين من القضايا التي عالجها المشاركون في حملة #TakeAStep. أفاد آخرون على وسائل التواصل الاجتماعي عن عملهم في الصحة والجوع والفقر.
وقد وصل وسم #TakeAStep إلى ما يقارب 13.6 مليون شخص على مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاعل حوالي 3 مليون شخص مع الحملة، وتابعها ما يقرب من 3000 شخص على الموقع الإلكتروني التابع للأمم المتحدة، كما وقام المئات بأخذ خطوات كان لها أثّر على آلاف الأشخاص. هذه أعداد كبيرة في بلد يبلغ عدد سكانه 6 ملايين نسمة. لذا، هل يهم حقًا إذا قمت بتعليم بعض اللاجئين؟ هل أن استخدام كيس قماش لأحمل البقالة سيساعدني في الواقع؟ أنا شخص واحد فقط، هل أنا حقًا أُحدث فرقًا؟ يجيب شعب لبنان: نعم، نعم، ونعم.
تقول مديرة مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت ورئيسة مجموعة الأمم المتحدة للاتصالات في لبنان، مارغو الحلو: " يقول المثل: رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة". لقد قطع شعب لبنان للتو الكثير من الخطوات في طريقه إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة".