قائدات التغيير – نادين جوني
"الكرامة هي أنتِ ورفاهيتكِ واحترامك لنفسكِ كامرأة، وقدرتك على الوقوف أمام المرآة في كل مرّة والتعرّف إلى نفسكِ. هذه أنتِ تماماً كما تريدين أن تكوني."
كانت نادين جوني أماً وناشطة ونسوية لبنانية ناضلت من أجل إصدار قانون موحد للأحوال الشخصية في لبنان. تطلّقت نادين في التاسعة عشرة من عمرها، وقضَت السنوات العشر الأخيرة من حياتها وهي تناضل بغية نيل حق حضانة ابنها كرم الذي لم يُسمح لها برؤيته سوى لمدة 24 ساعة في الأسبوع، وفقاً لأوامر المحاكم الإسلامية الجعفرية الشيعية. في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2019، توفّيت نادين، بشكل مأساوي في حادث سيارة خلال توجهها للاحتجاج على الزيادات الضريبية غير العادلة.
عُرفت نادين بمناصرتها المتعلقة بمناهضة كراهية النساء والعنف القائم على النوع الاجتماعي. كمنسقة برامج في منظمة "أبعاد"- مركز الموارد للمساواة بين الجنسين، وهي منظمة غير حكومية لبنانية محلية، انخرطت نادين في حملات مناصرة عدة تدعو إلى تعديل القوانين التمييزية ضد المرأة، وعلى نحو خاص المتعلقة بالعنف الجنسي والاغتصاب.
من الجدير ذكره أن الدولة اللبنانية رسمياً هي دولة مدنيّة، لكن جميع المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصيّة - الزواج والطلاق والحضانة والميراث، من بين أمور أخرى - تخضع لقوانين دينية، علماً ان الدولة تعترف بـ15 قانون طائفي للأحوال الشخصية. تتبع كل طائفة دينية مجموعة متميزة من قوانين الأحوال الشخصية التي تتحكم في الجوانب الرئيسية لحياة المرأة في لبنان وتنظّم التمييز ضد المرأة. رغم أن لبنان صادق على عدد من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي تحمي وتعز تمتع المرأة بالمساواة أثناء الزواج وبعده، بما في ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فإن وجود قوانين للأحوال الشخصية تستند إلى الدين وقرارات محاكم لا تضمن المساواة في الزواج والطلاق، يقع خارج إطار هذه الالتزامات. لطالما دعت الحركة النسائية في لبنان الدولة إلى الامتثال للمواد الكاملة التي وضعتها اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة فيما يتعلق بقوانين الجنسية والأحوال الشخصية.
كما دعمت نادين حملة "التجمع النسائي اللبناني" #مش_قبل_ال18 ضد الزواج المبكر وحشدت مسيرات في بيروت ضد اغتصاب الفتيات والاعتداء عليهن وضد جرائم الشرف. وإضافة على ذلك، كانت نادين المؤسسة الشريكة ومديرة "الحملة الوطنية لرفع سن الحضانة عند الطائفة الشيعية اللبنانية" التي دعت إلى سياسة دينية وعامة أكثر إنصافاً - وقادت حملات لتغيير قوانين الحضانة مع التركيز على المحاكم الإسلامية الجعفرية الشيعية.
وإلى جانب نشاطها لتحقيق عدالة النوع الاجتماعي في لبنان، كانت نادين تقود معركتها القانونية الشخصية لكسب حق حضانة ابنها كرم. وتزوجت نادين في السابعة عشرة من العمر، وتعرّضت للإساءة الجسدية واللفظية من قبل زوجها إلى أن أُجبرت على الطلاق منه، مما أدى إلى منحه حقّ حضانة إبنهما. وشاركت نادين على نحو متكرر خبراتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي - كمثل عدم قدرتها على رؤية كرم كل يوم ومشاركته التجارب التي تجمع الأم بابنها كمثل اليوم الأول من ارتياد المدرسة، والزحمة على أبواب المدارس، والعطلات الشتوية وأعياد الميلاد – والحال أنها كسبت تعاطفاً كبيراً من الناس.
قبل وقت وجيز على وفاتها، وفي ذكرى مرور 10 سنوات على طلاقها، تحدّثت نادين على موقع "فايسبوك" عن المصاعب التي مرّت بها طوال سنوات الطلاق ومعارك الحصول على حق الحضانة. كتبَت "الكرامة ليست ثوباً أو صورة أو ضحكة أو طفلاً. الكرامة هي أنتِ ورفاهيتكِ واحترامك لنفسكِ كامرأة، وقدرتك على الوقوف أمام المرآة في كل مرّة والتعرّف إلى نفسكِ. هذه أنتِ تماماً كما تريدين أن تكوني."