إضاءات على الماضي: كيف استجابت الأمم المتحدة للأزمات المتعددة التي عصفت بلبنان خلال العام الماضي
٢٦ مايو ٢٠٢١
في 12 أيار/ مايو، أصدرت منظومة الأمم المتحدة في لبنان تقريرها السنوي لعام 2020 يضمّ أبرز النتائج التي أحرزتها مختلف هيئات الأمم المتحدة مع شركائها في لبنان.
ميمي عاملة مهاجرة من إثيوبيا جاءت إلى لبنان منذ ثماني سنوات بحثًا عن مستقبل أفضل. وجدت عملاً ولكنها عانت من سنوات من الإجحاف والظلم تمثّلا بسرقة راتبها الشهري، وحرمانها من الإجازة المدفوعة، وتعرّضها للاعتداء الجسدي من صاحب عملها. الأمر الذي دفع بميمي إلى الهروب من منزل صاحب العمل من دون حتى مقتنياتها الشخصية، بما في ذلك جواز سفرها.
تقول ميمي: "هربتُ من الإساءة التي تعرّضتُ لها معتقدةً أنّ حياتي ستتحسن". وقد تحسَّنت بالفعل. فقد عملت ميمي في الخدمة المنزلية بشكل مستقل، ثم تزوجت شخصاً تحبّه، وهو لاجئ سوداني، ورُزقا بالأولاد. لكن مع ظهور الوباء، خسرت ميمي عملها. "لا أملك الآن وثائق ثبوتية، وأطفالي غير مُسجلين في الدّوائر الرّسمية ومستقبلي مجهول."
ولكن كانت الأمم المتحدة في لبنان موجودة لتدعم ميمي وغيرها من العاملين المهاجرين، حيث عملت مع شركائها المحلّيين على تقديم المساعدة النقدية إلى 700 عامل/عاملة مهاجر/ة وغيرهم من الأشخاص الذين أُهمِلوا نتيجة انتشار الوباء في لبنان وما خلّفه من تداعيات اجتماعية واقتصادية. حصلت ميمي من الأمم المتحدة وشركائها على بعض الدعم الذي كانت بأمسّ الحاجة إليه، فتقول: "الآن، باستطاعتي رؤية نور إنسانيتي وكرامتي من جديد."
مع اجتياح فيروس كوفيد-19 في البلاد، وما رافقه من إجراءات القيود والإغلاق وعرقلة الحياة الاقتصادية، قامت الأمم المتحدة وشركاؤها بتدريب الآلاف من العاملين/ات في مجال الرعاية الصحية وغيرهم من العاملين والعاملات على التدابير الوقائية ضدّ جائحة كورونا. روان شحادة كانت واحدة من 282 ممرّض وممرّضة استفادوا من التدريبات التي نفّذتها الأمم المتحدة في لبنان بالتعاون مع نقابة الممرّضات والممرّضين ووزارة الصحة العامة في لبنان.
أضف إلى ذلك، وفي إطار الاستجابة لوباء كورونا، دعمت الأمم المتحدة إنشاء مواقع عزل في المجتمعات المحلية لكلّ مَن يتعذّر عليه اعتماد الحجر الصحي أو العزل الذاتي في منزله/ها، لا سيما في المناطق المكتظّة بالسكّان وفي مخيّمات اللاجئين. كما عملت الأمم المتحدة على شراء 73 سريرًا مجهزًا بالكامل وتوفير هذه الأسرّة في وحدات العناية المركّزة بالإضافة إلى توفير 800 سرير للمستشفيات العامة. هذا وقدمّت المنظمة الأممية طرود غذائية إلى 50,000 أسرة من بين الأسر الأكثر فقراً في لبنان خلال العام 2020، في حين تعمل حالياً على تقديم المساعدة ضمن الخطة الوطنية للقاح الكوفيد 19 والبرنامج الخاص بها.
في 4 آب/أغسطس 2020، هزّ انفجار هائل العاصمة اللبنانية بيروت، فخلّف سلسلة من الانفجارات الصغيرة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص، وإصابة الآلاف، وتدمير أحياء مجاورة بأكملها.
كانت الأمم المتحدة في لبنان موجودة لتقديم الدعم اللازم، فنشرت في أقل من 24 ساعة فرق الاستجابة المتخصصة المعنية بتوفير خدمات الإغاثة، فقدّمت المساعدة في مجال الرعاية الطبية، وفي عمليات البحث والإنقاذ، وضمن عملية تقييم آثار الانفجارات على صحّة الناس، لا سيما المقيمين في بيروت وضواحيها.
وبعد عشرة أيام فقط على وقوع الانفجار، أطلقت الأمم المتحدة نداء لاستقطاب المساعدات المالية الضرورية لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا لما يربو على 300,000 شخص تضرّروا من التفجيرات. وبحلول نهاية العام 2020، كان النداء قد جمع حوالي 165 مليون دولار أمريكي.
هذا وساعدت الأمم المتحدة وشركاؤها في إعادة خدمات المياه إلى 24,000 شخص كانوا يقيمون في المباني التي تأذّت من الانفجار، كما قدّمت الدعم المالي المتعدد الأغراض لـ91,552 شخصاً، بما في ذلك الدعم النقدي الخاص بتسديد نفقات الإيجار أو المأوى. كما عملت المنظمة الأممية على إصلاح وإعادة تأهيل أكثر من 12,000 منزل تضّرر من التفجيرات، بما في ذلك منزل "هلا" البالغة من العمر 34 عامًا، فتقول: "السّير في أرجاء منزلنا الذي تم إصلاحه بالكامل إنما عزّى قلوبنا المحطمة."
دفعت الأزمة المستمرة في سوريا الآلاف من الناس إلى اللّجوء إلى لبنان، بحثًا عن عملٍ وعن الأمن والحماية من القذائف والصواريخ التي عرّضت حياتهم للخطر في بلادهم.
كانت الأمم المتحدة آنذاك ولا تزال موجودة لتقديم الدعم اللازم. ففي عام 2020، وفي إطار خطة لبنان للاستجابة للأزمة السورية، قامت الأمم المتحدة بدعمٍ من شركائها، بتزويد السوريين واللبنانيين من الفئات الضعيفة بالمياه الصالحة للشرب وبالغذاء والمساعدات النقدية، فضلاً عن تقديمها خدمات الرعاية الصحية والمساعدة القانونية، والخدمات المنقذة للحياة ذات الصلة بالحماية من العنف الجنسي والعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي.
تقول نجاة رشدي، نائبة المنسق الخاص والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان:
"كان عام 2020 عامًا استثنائياً مليئًا بالتحديات بالنسبة للبنان، ولا يزال الناس يشعرون بتلك الصّدمات والمِحَن ويعانون منها."
جائحة كوفيد-19. تفجيرات بيروت. الأزمة المستمرّة في سوريا التي لا تزال تدفع باللاجئين السوريين إلى الاحتماء في لبنان. هذه الأحداث متباينة إلى حدّ كبير في طبيعتها، لكنها كلها تذكيرٌ بالظروف التي تقع فيها الكوارث في أي وقت كان وبأي شكل من الأشكال، وهي جميعها تستدعي الأشخاص المستعدّين للاستجابة لتقديم الدعم اللازم خلال هذه الأزمات.
ما جاء سابقاً ليس سوى بعض المجالات التي استجابت فيها الأمم المتحدة للأزمات المتراكمة التي عصفت بلبنان. ففي الواقع، لقد أُنشئت الأمم المتحدة في لبنان بهدف الاستجابة لمثل هذه الحالات والأزمات، وتم تفصيل عملها الذي أحرزته خلال عام 2020 في تقريرها السنوي الحديث. إقرأوا المزيد في"تقرير النتائج السنوي للأمم المتحدة في لبنان لعام 2020".
"في كلّ ما نقوم به في الأمم المتحدة، سواء كان ذلك في الاستجابة لحالات الطوارئ، أو في مجال تعزيز السلام، أو دعم سبل تحقيق الحكم الصّالح، وصَون حقوق الإنسان، وتعزيز المساواة بين الجنسين، والحدّ من الفقر، فإنّ هدفنا الأسمى يظل ثابتاً ألا وهو، خدمة لبنان وشعبه".