اليوم، 10 كانون الأول/ديسمبر، يوم حقوق الإنسان، ونهاية الـ16 يوماً من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، ينبغي لنا أن نتطلع إلى الأمام. من خلال دعم النساء اللبنانيات للحصول على حصة متساوية في المجتمع، إن لدى لبنان فرصة هائلة لاتخاذ خطوات هادفة تؤدي إلى تلبية المطلب العام والواسع النطاق للإصلاحات العاجلة.
إن مخاطر وكلفة إقصاء المرأة في الاقتصاد والسياسة أكبر من أن نتجاهلها. ولكي يتغيّر هذا، لم يعد بإمكان لبنان انتظار الإصلاحات قبل اتخاذ إجراءات بشأن قضايا المساواة الاجتماعية والعدالة. على العكس من ذلك، يجب وضع حقوق المرأة بالإضافة إلى تمكينها وإدماجها في المجتمع في مقدمة أجندة الإصلاح الوطني.
عقود مرّت والحكومات المتعاقبة لم تعترف سوى بعدد قليل فقط من الإصلاحات الهادفة إلى معالجة التمييز المنهجي وعدم المساواة بين الجنسين الذي ابتلي به لبنان ويتغلغل في كل جانب من جوانب المجتمع اللبناني وينعكس في القوانين في مجالات مثل منح الجنسية والأحوال الشخصية. إن الدعوة المتكررة للإصلاح بغية معالجة التمييز بين الجنسين التي أطلقتها آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، مثل لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة (CEDAW) والمراجعة الدورية الشاملة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بقيت بلا إجابة.
إن الإصلاحات التي يمكن أن تجعل المزيد من النساء متساويات مع الرجال، وأقل عرضة للعنف، قد قبعت مهملةً في البرلمان وفي المؤسسات كافة. أدى عدم إمرار الإصلاحات إلى ترسيخ التمييز بين الجنسين بينما ساهم بشكل مباشر في ما وصل إليه لبنان اليوم.
تظهر الأدلة العالمية، بحزم وبشكل لا لبس فيه، أن المجتمعات تكون قادرة على العمل بشكل أفضل عندما يتم تمثيل وتمكين الرجال والنساء، على قدم المساواة. على عكس ذلك، إن خيار المجتمع بإخضاع المرأة له عواقب سلبية كبيرة.
ذلك ان في البلدان التي اختارت وضع المرأة في موقع ثانوي - في المقارنة مع المجتمعات التي يكون فيها الرجال والنساء أكثر تساوٍ_ كانت أنظمة الحكومة ضعيفة الأداء، وكانت معدلات النزاع أعلى، وكان عدم الاستقرار أكبر، في موازاة معدلات أقل على مستوى الأداء الاقتصادي، ونتائج أسوأ في مجال الأمن الغذائي، ونسبة مرتفعة من المشاكل الديموغرافية، وأنظمة حماية بيئية أقل، وكان التقدم الاجتماعي أبطأ.
لبنان ليس استثناء في هذا السياق. في بلاد تباطأت للغاية في إحداث تغيير هادف في حقوق المرأة، مقارنة بجيرانه الإقليميين والعالميين، لم نشهد بعد إصلاحات ذات مغزى تتعلق بالحوكمة والعدالة والطاقة والخدمات الاجتماعية والحماية الاجتماعية ومجموعة من قضايا أخرى والتي تعثّرت منذ الحرب الأهلية.
سيتطلب الانعاش الاقتصادي والاجتماعي شجاعة وعملاً حاسماً. يجب القبول بأن الوضع الراهن، واستمرار الممارسات المعتادة، لن يؤديا إلى النتائج التي يحتاجها شعب لبنان بشدة. بدلاً عن ذلك، سيتطلب تحقيق لبنان المسالم والمزدهر الإفادة من جميع القدرات والأفكار والابتكار والموارد المتاحة للبلاد والاستثمار فيها. وسيتطلب إعادة التفكير في كيفية تفاعل المجتمع اللبناني مع المسائل المختلفة – وسيتطلب أيضاً دعم البلاد في ترميم عقده الاجتماعي.
وهذا سيطلب من الجميع في البلاد، الاعتراف بالجهات الفاعلة التي تعمل من أجل التعافي السلام والاستقرار في لبنان، وابرازها. وسيتطلب ذلك تعزيز دور المجتمع المدني، بما في ذلك المجموعات النسائية والشبابية والقطاع الخاص واولئك الفاعلين والفاعلات السياسيين غير التقليديين الآخرين في سياق الدور الذي يمكنهم القيام به في دعم تعافي لبنان. سيعني ذلك تجاوز التأييد الشفوي فقط في ما يخصّ أهمية الفاعلين والفاعلات الجدد من أجل السلام، وجعلهم ينخرطون، على نحو هادف في العمل السياسي والاقتصادي الذي نقوم به.
هذه مسألة تحتاج إلى الوقت. ولكن ثمة أشياء ملحة يمكن وينبغي لنا القيام بها لتمهيد الطريق لذلك:
أولاً – لدى الناس احتياجات يومية لا يمكن الانتظار أكثر في تلبيتها. هناك حاجة ماسة إلى إطلاق دعم شامل على مستوى الحماية الاجتماعية، ويجب أن يتم ذلك بطريقة تصل إلى النساء والرجال على قدم المساواة ولا تعزز مخاطر تعرض المرأة للاستغلال. هذا العمل جارٍ ويجب التعجيل به.
ثانياً - يجب تسريع تدابير دعم الإدماج الاستباقي للمرأة في الاقتصاد، على النحو الذي تم الالتزام به بموجب خطة الحكومة لعام 2019 بشأن تمكين المرأة اقتصادياً. يعمل ما يقارب نصف السكان في أعمال غير مدفوعة الأجر. يجب أن يكون لهذه الأعمال بدلاً نقدياً، ويجب دعم النساء لدخول الاقتصاد المدفوع الأجر.
ثالثًا - النساء ممثلات تمثيلاً ناقصاً إلى حد كبير ومغيبات في المشهد السياسي الحالي. في عام 2019، حددت خطة العمل الوطنية لتطبيق القرار رقـم 1325 الصادر عن مجلس الأمن للأمم المتحدة حول المرأة والسلام والأمن التزاماً بمناقشة الكوتا النسائية وتمريرها على مستوى الهيئات المنتخبة – لإظهار التزام جماعي بالقيام بالأمور بشكل مختلف وضمان أن تكون هيئات الحوكمة تمثيلية فعلاً. لدى لبنان سابقة في مجال أنظمة الكوتا بغية ضمان التمثيل المتكافئ للطوائف. يجب تطبيق المبدأ عينه لضمان تمثيل المرأة سياسياً.
أخيراً، ثمة حاجة إلى معالجة التمييز ضد المرأة في قوانين الأحوال الشخصية وإدخال خيار قانون الأحوال الشخصية المدني، على أساس المبادئ والمساواة وعدم التمييز. هذا أمر بالغ الأهمية لتوفير مساحة قانونية متساوية للنساء والرجال، وفي الوقت عينه لتعزيز العلاقة بين الدولة والفرد في لبنان.
لم يعد بإمكاننا الاكتفاء بتمثيل النساء رمزياً في لبنان. يجب أن تستجيب أجندة الإصلاح في لبنان وأخيراً للدعوات التي استمرت خلال العقد الماضي، من أجل المساواة بين الجنسين، والالتزامات الوطنية بشأن حقوق المرأة والمساواة، من أجل النجاح ووضع أسس بلاد جديدة ومستقرة.
سعادة سفيرة أستراليا في لبنان ريبيكا غريندلاي
سعادة سفيرة النمسا في لبنان رينيه - بول آمري
سعادة سفير بلجيكا في لبنان هوبير كورمان
سعادة سفيرة كندا في لبنان شانتال تشاستيناي
سعادة سفير التشيك في لبنان جيري دوليزيل
سعادة سفيرة الدنمارك في لبنان ميريتي جول
سعادة سفير استونيا في مصر، اثيوبيا، أردن، لبنان، وعمان ميكو هالجاس
سعادة سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طرّاف
سعادة سفيرة فنلندا في لبنان تاريا فرنانديز
سعادة سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو
سعادة سفير ألمانيا في لبنان أندرياس كيندل
سعادو سفيرة اليونان في لبنان كاثرين فونتولاكي
سعادة سفير ايرلندا في مصر ولبنان
سعادة سفيرة إيطاليا في لبنان نيكوليتا بومباردييري
سعادة سفير هولندا في لبنان هانس بيتر فان دير وود
سعادة سفير النرويج في لبنان مارتن ايترفيك
سعادة سفير رومانيا في لبنان رادو كاتالين ماردار
سعادة سفير سلوفاكيا في لبنان ماريك فارغا
سعادة سفير اسبانيا في لبنان خوسيه ماريا فيري
سعادة سفيرة السويد في لبنان آن ديسمور
سعادة سفيرة سويسرا ماريون كروبسكي
سعادة سفير المملكة المتحدة في لبنان إيان كولاردد
يوانا فرونتسكا، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان
نجاة رشدي، نائبة المنسق الخاص والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان
راتشيل دور – ويكس، رئيسة مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان