مطبخ تقوده نساء يتحول إلى شريان حياة للأسر النازحة وذوي الإعاقة خلال الحرب في لبنان
٠٣ ديسمبر ٢٠٢٤
معاً، يمكننا أن نُظهر للعالم أننا لسنا مجرد ناجيات من الحرب، بل نحن أيضاً قادة في أوقات الأزمات"
اليوم، 3 كانون الأول/ديسمبر، وبمناسبة اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة، تحتفل الأمم المتحدة في لبنان بقصص استثنائية لأشخاص استثنائيين برهَنوا عن صمودهم وقيادتهم وقدراتهم في أوقات الأزمات، والتي تجسّدها مبادرة المطبخ المجتمعي Access Kitchenفي لبنان.
تم إطلاق هذه المبادرة في عام 2022 من قبل هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالتعاون مع الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركياً (LUPD)، ليكون المطبخ المجتمعي Access Kitchenمصدرَ أملٍ للنساء ذوات الإعاقة، اللواتي يستخدِمنَ مهاراتهنّ وقيادتهنّ وعزيمتهنّ لدعم مجتمعاتهنّ ورفع معنويات المحتاجين في ظل التحديات غير المسبوقة التي تواجهها البلاد.
مطبخ يغيّر الحياة
تم تصميم المطبخ المجتمعي Access Kitchenلتلبية مختلف احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، وهو يقوم بتدريب النساء ذوات الإعاقة على تحضير وتوزيع الوجبات الساخنة للأسر الفقيرة. وبذلك، تكون هذه المبادرة تُعالج مسألة انعدام الأمن الغذائي في لبنان الناجم عن الأزمة، بينما تعزز الإدماج الاجتماعي والمساواة بين الجنسين وتسهم في تمكين النساء ذوات الإعاقة اقتصادياً. قبل اندلاع الحرب، كان المطبخ يوظّف 40 امرأة من ذوات الإعاقة تُعنى بإنتاج أكثر من ألف وجبة طعام ساخنة للأسر الضعيفة المقيمة في بيروت.
ومع تفاقم آثار الحرب في لبنان في شهر أيلول/سبتمبر 2024، أصبح المطبخ شريان حياة للأسر النازحة والأشخاص ذوي الإعاقة، حيث أنتج ووزّع أكثر من 9 آلاف وجبة ساخنة للنازحين المقيمين في مراكز الإيواء.
بتمويل من حكومة أستراليا وبدعمٍ من حكومة اليابان في مرحلة سابقة، قامت مبادرة المطبخ المجتمعي Access Kitchen بتوسيع نطاق عملياتها في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2024 نتيجة توسّع الأعمال العدائية على لبنان، لتصل إلى المزيد من الفئات الضّعيفة، بما في ذلك النازحين الفارّين من المناطق المتأثرة بالنزاع والمقيمين في العراء أو خارج مراكز الإيواء. هذا ودعم برنامج الأغذية العالمي (WFP) الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركياً في سياق هذه المبادرة، من خلال تقديم المواد الأساسية اللازمة لإنتاج الوجبات الساخنة للنازحين.
أصوات القيادة والأمل
إنّ نساء هذا المطبخ المجتمعي هنّ أكثر من مجرد طُهاة؛ إنهنّ قائدات ومناصِرات وصانعات تغيير. كل واحدة منهنّ تضيف وجهة نظر فريدة واندفاعاً لبناء مجتمع أكثر شمولية حيث لكلّ فرد دورٌ، وحيث يُسمع بتمعّن لحاجاتهم.
تتأمّل روى حطّاب، البالغة من العمر 21 عاماً، في مسيرتها في هذا المطبخ الذي أصبح جزءاً حيوياً من حياتها ومن عائلتها المجتمعية الممتدة: "بصفتي امرأة من ذوات الإعاقة، أشعر بمسؤولية كبيرة تجاه مجتمعي. قد تكون الحرب قد جعلتنا أكثر ضعفاً وهشاشةً، لكنّها أظهرت لنا أيضاً قوة التضامن".
وأَضافت روى مُسلِّطةً الضوء على كيفية تحويل التحديات الشخصية إلى مصدر للإلهام والعزيمة ودافع للتغيير الإيجابي، بقولها: "إعاقتي لم تمنعني من تقديم المساعدة؛ بل على العكس، زادت من عزيمتي وإصراري. يمكننا استخدام تجاربنا للتواصل، والتكيّف، وتعزيز مبدأ الإدماج الاجتماعي والشمولية."
"اليوم، نقف بثبات لنؤكد حقّنا في حياة كاملة لها معنى، بينما نساهم في نمو مجتمعنا." - روى
أما سميرة ياموت، 26 عاماً، فقد اكتسبت حِسّاً ملحوظاً بالفخر والقوة، ناهيك عن مهارة القيادة، فقالت: "إيصال الوجبات الساخنة للأسر النازحة يملؤني بالفخر. أناشد جميع النساء ذوات الإعاقة ألا يستسِلمَن للضعف، بل أن يَجِدنَ القوة الكامنة في صلب كيانهنّ. فمن خلال قيادتنا ودعمنا لبعضنا البعض، يمكننا معاً أن نثبت للعالم أننا لسنا مجرّد ناجيات، بل قائدات أيضاً في أوقات الأزمات."
حنان بظاظا، 31 عاماً، تسلّط الضوء على شعور الرضا والفخر الذي يستحوذ عليها نتيجة خدمة الآخرين، فتقول: "مساعدة مجتمعي تجعلني أشعر بأنّ لي دوراً قيّماً في المجتمع.
"حان الوقت لتبديد المفهوم الخاطئ بأن النساء ذوات الإعاقة لَسنَ جزءاً من الحلّ. دعونا نتّحد ونُظهر للعالم إمكانياتنا في تقديم مساهمات مؤثّرة."
دعوة للشمولية والتنوع
إن نجاح المطبخ المجتمعي Access Kitchen لَهُوَ شهادة حيّة على ما يمكن تحقيقه عندما يكون مبدأ الشمولية والإدماج أولوية. من خلال تزويد النساء ذوات الإعاقة بالأدوات وفرص القيادة، تُثبت هذه المبادرة أنّ التنوّع ليس عائقاً بل قوّة.
في هذا اليوم المهم [اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة]، تُلهمنا قصص روى وسميرة وحنان للمطالبة بعالم يتمتع فيه جميع الأفراد، بكل تنوّعهم، بفرصة لتحقيق الازدهار. وتسلّط هذه القصص الضوء على النساء والفتيات ذوات الإعاقة كصاحبات حقوق وصانعات للتغيير في مختلف السياقات. كما تذكّرنا رحلاتهنّ بأهمية مَنح الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك النساء، صوتاً يعبّر عن احتياجاتهم وتطلّعاتهم، وضمان تمثيلهم المتكافئ، وصَون كرامتهم، والعمل معاً لبناء مجتمع أكثر شمولاً وصموداً.