رسالة بالفيديو بمناسبة الحفل الموسيقي "على أمل" في أعقاب انفجار بيروت المدمّر المندلع في 4 آب 2020
رسالة بالفيديو لنائبة المنسق الخاص والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان بمناسبة الحفل الموسيقي-على أمل
أَتَوَجَّهُ إِلَيكُمُ اليَوم بهذِهِ المُناسَبَةِ التَّضامُنيّة في ظِلِّ أوقاتٍ صَعبَةٍ يَشهَدُها لُبنان. إنَّها مُناسبةٌ كَفيلةٌ بخَلقِ فُسحَةِ أملٍ وزَرعِ الفَرَحِ في نُفوسِ الناسِ في مَرحَلةٍ لم يَسبِق لها مَثيل في تاريخِ لبنان.
إنّ هذا الحفل الموسيقي اليوم ليس سوى مَصدَرَ إلهامٍ وأملٍ لنا جميعاً. فهو فرصةٌ للاستِمتاعِ بموسيقى تُعيدُ إلى أَذهانِنا عَظَمَةَ لبنان بثقافَتِه الغَنيّة وشعبِهِ المُتَميّز الذي انتَشرَت قُدُراتُه في كلِّ أصقاعِ الأرض، فخلَّفَ نجاحاً وإبداعاً وقُدوَةً في بلادِه وبلادِ المهجر.
إنفجارُ بيروت كان مَفصَلياً لا بل إستثنائياً. فقد قلبَ حياةَ كلِّ شخصٍ تقريباً في لبنان رأساً على عقب. في لحظةٍ، دَمّرَ أحياءَ بأكمَلِها، وهَدَمَ مُستشفياتٍ ومدارسَ، وفَرّقَ أفرادَ الأُسرَةِ الواحدة التي خَسِرَت أحبّاءَها.
في زياراتي الميدانية المختلفة، قابلتُ نساءً ورجالاً لم يُضطَرّوا يوماً إلى طَلَبِ المساعَدة، ولكن باتوا الآن يعيشون ويَعتَمِدون على المُساعدات... زُرتُ عائلات دُمِّرَت مَنازِلُها بالكامل وتدَمَّرَ معها مستقبلُها وآمالُها... رأيتُ أطفالاً فَقَدوا الشّعورَ بالأمانِ في أحيائِهم التي طالما كانت بيئتَهُمُ الحاضِنة والآمِنة... قابَلتُ رجالَ أعمالٍ فقَدوا مَحَلاّتِهم ومَنشآتِهم في ظِلِّ انعدامِ القُدرَةِ على الوصولِ إلى مُدَّخَراتِهم في المَصارِف، فباتوا عاجِزين عن البَدءِ مِن جديد.
ولكن قابَلتُ أيضاً شُبّان وشابّات لم يتوانَوا يوماً منذ اندِلاع الانفجار عن تقديم المساعدة للمتضرّرين، وتنظيفِ الشّوارع والمنازل من الأنقاض، وبَذلِ قُصارى جُهدِهم لِمَدِّ يدِ العون، مُتغلِّبينَ على الاختلافات السياسيّة، والطائفية، والمذهبية. إنهم قُدوَةُ المُجتمَع، ومِثالُ التّضامُنِ والوِحدَةِ الوَطَنيَّة!
لا شَكَّ أنَّ هذه الفاجِعَة كانت مأساةً موجِعة ولكن يبقى الأملُ سيِّدَ المَوقِف. وتبقى أصواتُ الشباب والشابات التي سَنَستَمِعُ إليها الآن مصدرَ أملٍ بلُبنانٍ أفضل.
إنّ تعافي لبنان من الكارثة التي خَلَّفها انفجار بيروت المُفجع إنَّما هو في صَميم مَهمَّةِ منظومة الأمم المتحدة وفي صُلبِ أولويّاتِها! فها نَحنُ نُسَخِّرُ جميعَ إمكانيّاتِنا وقُدُراتِنا وشَراكاتِنا في سبيلِ ضَمانِ استمرار حُصولِ الفئاتِ الأكثر ضُعفاً وتَضَرُّراً على المساعَدَةِ الإنسانيَّةِ المُلِحَّة، بما فيها الخدمات الأساسية. كما نَعملُ على إيجادِ سُبُلٍ ناجِعَة تُمَهِّدُ الطَّريقَ لتحقيقِ تعافي لبنان وإعادة إعمارِهِ حتى يَنعَمَ لبنان وشعبُهُ بالاستقرار والرَّخاءِ والنُّموِّ الاقتصادي.
إنَّ تفاؤلي بمُستَقبَلِ لبنان إنما هو مبنيٌّ على تاريخِه. فشعبُ هذا البَلَد يَعرِفُ الكَثيرَ عن الصُّمودِ في وَجهِ الصِّعاب والتَّحديات والمآسي. ولكنه سَئِمَ من الصُّمود، وضاقَ ذَرعاً من المَشاكِلِ اللاّمُتناهية. فهو يريدُ ببساطةٍ العَيشَ بسلامٍ وكرامة...
قد يبدو الفرَجُ بَعيدَ المنالِ، ولكن فلنَتَذَكَّر أنه لا يَبزُغُ الفَجرُ إلا بَعدَ اشتِدادِ الظَّلام!
أيّتها اللُّبنانيّات، أيُّها اللُّبنانيون... تَحَلَّوا بالأمَلِ ولا تَيأَسوا أبداً فَنَحنُ في هذه الِمحنَةِ معاً.
قبلَ أن أَختُمَ كَلِمَتي، أَوَدُّ أن أُعرِبَ عن جَزيلِ الشُّكرِ والتَّقدير لكافَّة العامِلين الإنسانيّين والجِهاتِ المانِحة الذّين لم يَدَّخِروا وقتاً ولا جُهداً في تَقديمِ المُساعَدَة اللاّزِمَة مُنذُ اليومِ الأول مِن اندِلاعِ انفِجارِ بيروتِ المُدمِّر. كما أَوَدُّ أَن أَشكُرَ جَميعَ القَيِّمين على هذا العَمَلِ المُبدِع، لا سيما Social Events Endeavor Lebanon وArt-Monit، ومركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت، وتلفزيون الـLBCI.
أدعوكُم الآن للاستِمتاعِ بِهَذا الحَفلِ الموسيقي "على أمل" رُؤية لُبنان شامخاً قوياً مِن جَديد.
نَحنُ دوماً مع لبنان، ومن أجل لبنان!