تندرج هذه المبادرة التي قاد تنفيذها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان، تحت إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار الذي تم إطلاقه في أعقاب انفجار مرفأ بيروت.
أحدث الانفجاران المدمّران في مرفأ بيروت صدمات كبرى لدى جميع الفئات الاجتماعية. كان الأمر جلياً أكثر في منطقة الكرنتينا، حيث أعاد الانفجار إحياء صدمات قديمة وقصص عن الوفيات الجماعية التي حصلت في المنطقة خلال الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990، وما ترتّب عليها من أزمات.
في ضوء ذلك، تم توفير منبر آمن وشامل لسكان الكرنتينا سمح لهم التفاعل من خلال عروض إعادة تمثيل/تفاعلية، وتوثيق ما شعر به وشهده سكان المنطقة، والعمل على تخليد الذكرى لمداواة الجروح الناجمة عن الانفجارين وتعزيز التماسك الاجتماعي بين المجموعات المختلفة في المنطقة. وكانت هذه العملية بمثابة رحلة تعافي تركز على توفير الدعم النفسي لسكان المنطقة، بما في ذلك المنتمين إلى مختلف الجنسيات والأعراق والأديان والفئات العمرية.
استهدفت عروض إعادة التمثيل هذه/العروض المسرحية التفاعلية هذه أكثر من 547 شخصاً، حيث شارك 254 شاباً وشابة في العروض الدرامية فيما شارك 71 طفلاً في جلسات الفنون التعبيرية.
قالت فريال الحسين، التي شاركت في مختلف الجلسات:
"لقد كانت فرصة للفرد للتحدث بحرية عن ألمه. ليست هذه التجربة المؤلمة الأولى التي نمر بها. لقد اختبرنا ذلك من قبل وكان له تأثير علينا أيضاً. شعرنا أنّ هناك جهة تهتم بنا وتبذل قصارى جهدها لفهم ما نشعر به".
تم جمع قصص سكان المنطقة وتحويلها إلى كتاب وصندوق للذاكرة بعنوان "الحياة في الكرنتينا".
وتحاول هذه المبادرة توثيق وأرشفة التاريخ الشفهي للمنطقة بدءاً من الحرب الأهلية اللبنانية وصولاً إلى انفجاري مرفأ بيروت، وذلك انطلاقاً من مبدأَي الشهادة و"التأريخ" (historiography) اللّذين يشكّلان الركيزتَين الأساسيتَين لعملية بناء السلام.