حفل افتتاح مبنى شرطة بلدية بيروت المُعاد تأهيله ضمن إطار برنامج التوظيف المكثف والبنى التحتية في لبنان
١٣ أبريل ٢٠٢٢
كلمة السيدة نجاة رشدي، المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان في حفل افتتاح مبنى شرطة بلدية بيروت.
أصحاب السعادة والمعالي،
السيدات والسادة المحترمين،
زملائي الأعزاء، مرحباً بكم جميعاً،
يسعدني أن أكونَ حاضرة معكم اليوم في هذه المناسبة السعيدة بعد سنَتين من الانقطاع، اعتَدنا خلالها على التَّخاطُب مَع بعضنا البعض عبَر شاشاتٍ لا روحَ فيها.
فَفِيما كان العالم يُعاني من التحديات الجمّة التي وَلَّدها وباءُ كورونا الفتّاك، فإذ بأزماتٍ عدّة تَتوالى عَلى لبنان وشعبه. فَمِن أزمةٍ إقتصادية ومالية إلى زيادة الضغوطات على الخدمات العامة والبنى التحتية، فانتشار وباء كورونا... أزَماتٌ مُتتالية كان وَقعُها الأكبر على الفِئات الأكثر ضُعفاً من بين اللبنانيين الفُقَراء، واللاجئين، والمهاجرين المُستضعَفين الذين يكافحون لتأمين لقُمَة عَيشهم. وكَأنَّه لَم يَكفِ مَا عَانى هَذا البَلد وشَعبُه، فإذا بانفجارٍ آثمٍ يُمزِّق قلبَ بيروت، فتَحوَّلت شَوارِعُها إلى دَمارٍ لا يتخيَّلُهُ العقل، بما في ذلك هذا المَبنى الذي نحنُ في صَدَدِ افتتاحِه اليوم ...
جِئنا اليَوم، لا لِنُعيدَ إلى أذهاننا آلام السنوات القليلة الماضية، بل جِئنا لنحتَفِلَ اليوم بإعادة تأهيل مركز شرطة بلدية بيروت (فوج حرس بيروت)، الذي دأَبَت على ترميمه منظمة العمل الدولية من خلال برنامج التوظيف المُكثَّف والبنى التحتية في لبنان (EIIP) وبتمويلٍ سَخيّ ومشكور من بنك التنمية الألماني KFW.
هُوَ بَرنامَجٌ تم استِحداثُهُ لأوَّل مرةٍ في عام 2017 للاستجابة لتحديات لبنان المتزايدة، ولا سيما لجهة ربط عملية تطوير البنى التحتية بخَلقِ فرص العمل للناس، والحدّ من الفقر، وتعزيز مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات المحلية. والسؤال الذي يَتَبادَر إلى أذهاننا: كيفَ تمَّ ذلك؟
فبالإضافة إلى خَلقِ فُرَصِ عَمَل للفئات الضعيفة من خلال إشراكها بشكلٍ مباشَر في أعمال الترميم، حَرِصَت منظمة العمل الدولية من خلال برنامَجِها هذا على التَقيُّد بشكلٍ صارمٍ بمبادئ العمل اللائق، وبإرشادات الصحّة والسلامة المهنية، ناهيك عن ضمان سلامة العُمّال من جِهَة، وحماية البيئة المُحيطَة بهم والمُقيمين في المجتمعات والمارَّة من جهةٍ أخرى. ففي تلك الحالات، تَبقى الأولوية القُصوى حماية الناس من أيِّ خَطَرٍ قد يُحدِقُ بِهِم، بما في ذلكَ خَطَر سُقوط الأشياء من المباني المُتضرّرة.
وإذا رَكَّزنا على عملية إعادة تأهيل هذا المبنى مثلاً (أي مبنى شرطة بلدية بيروت)، لقد ساهَمَت عمليةُ ترميمِهِ وإعادَة تأهيلِه في توفير أكثر من 160 فُرصَة عمل للّبنانيين واللاجئين السوريين على حدٍّ سواء. ولم يَقتَصِر ذلك على خلق فُرَص عمل فَحَسب، بل ساهَمَ في خَلق بيئة عمل لائقة وآمنة لفريق العمل والشرطيين العاملين في هذا المبنى، وهو ما سَيَكون له أثرٌ ملحوظ على تعزيز السّلم الأهلي وتوفير الأمن والاستقرار في المجتمعات المحلية. وهذا برأيي في غاية الأهمية في ظلّ الأوضاع الصّعبة التي تَشهَدُها البلاد.
إسمَحوا لي أن أَذكُرَ أيضاً هنا إلى أنّه تم إجراء العديد من التعديلات على برنامج الـEIIP ، وبِدَعمٍ مُتواصِلٍ ومَشكور من وزارة التعاون الإقتصادي والتنمية الألمانية (BMZ)، بُغيةَ الاستجابة للتحديات الناشئة في البلاد، ومن بينها انفجار مرفأ بيروت المُفجِع حيث كانت منظمة العمل الدولية، من خلال هذا البرنامج، مِن أولى المنظمات التي تواجَدَت على الأرض في بيروت بعد ثلاثة أيام فقط من اندلاع الانفجار. فجابَت شوارع بيروت المُدمَّرة وزارت المناطق الأكثر تضرراً، فقدّمت - إلى جانبِ مُنظماتٍ أُمَمِيَّة أُخرى - الدعم الذي اشتَدَّت الحاجة إليه في مُجتمعاتٍ محلية عديدة.
وهذا خيرُ مثالٍ على كيفية تَضافُر جُهود مُختلَف وِكالات الأمم المتحدة وتَعاوُنِها المُطَّرِد مع شركائها الدوليين والوطنيين والمحليين على حدٍ سواء لِدَعمِ لُبنان وشعب لبنان كُلَّما دَعت الحاجة. ومن هنا أهمية تعزيز هذه الشراكات وضمان استمراريتها. فاليوم أكثر من أيّ وقت مضى، نحنُ بحاجة إلى أن نجتمع معاً وأن نقف معاً لدعم عملية تعافي لبنان ودعم شعب لبنان للتغلّب على هذه الأزمات واستعادَة أَمَلِهِ بِمُستَقبَلٍ مُزدَهر.
أيها الحضور الكريم،
صَحيحٌ أنَّ التحديات التي تواجه لبنان هائلة، ولكن رغم ذلك، لا تزال البلدان الصّديقة تدعم لبنان للخروج من أزماته ولتحقيق التعافي على كافة الأصعِدة.
إنّ منظومة الأمم المتحدة في لبنان وقَفَت وستقف دوماً إلى جانب اللبنانيات واللبنانيين للنهوض من أزماته، والتعافي، وضمان مستقبل مزدهر لهم. هذه المسيرة تحتاج بالطبع إلى جهود مُتضافرة من جميع الجهات المعنية: من حكومة، إلى المجتمع الدولي، فالمجتمع المدني والقطاع الخاص. أتمنى أن تشكّل السنوات القادمة برهاناً على هذه الجهود المشتركة بما يحمل الخير للبلاد.
وشكراً.
صاحب الخطاب
عمران ريزا
الأمم المتحدة
نائب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية