إليكم قصة مبادرة مشتركة للأمم المتحدة غيّرت حياة رجال الإطفاء في لبنان وسط الأزمة الاقتصادية الحادّة المتواصلة.
يستهل أسامة العبوشي المعاون في فوج إطفاء الفيحاء حديثه بالقول: "عندما نتلقى نداء إنقاذ، كل ما نسأل عنه هو موقع الحريق، لا تهمنا هوية المتصل ولا جنسيته".
إن فوج إطفاء الفيحاء الكائن في مدينة طرابلس شمال لبنان، هو مكان بمثابة منزل بالنسبة للمعاونين أسامة العبوشي وحسن الزعبي؛ مكان عاشا فيه ظروفًا بدت بعيدة كل البعد عن الراحة التي يستحقانها. يقول حسن:" كان هذا المكان غير صالح للسكن. لم يكن لدينا كهرباء ولا ماء ساخن ولا مستلزمات أساسية".
وكان حسن وأسامة ينفذان مهماتهما رغم هذه الصعوبات؛ يقول أسامة: "كنا ننهي مهماتنا ونذهب للاستحمام في المنزل". وبالنسبة لديما حمصي، مديرة إتحاد بلديات الفيحاء: "كان هناك نقص في المعدات والآليات والعديد وكان رجال الإطفاء بحاجة لمزيد من التدريبات".
إلّا أن حياة رجال الإطفاء قد شهدت تغيّرًا جذريًا بعد إعادة تأهيل المبنى وتجهيزه حديثًا. وقد كان ذلك نتيجة مبادرة مشتركة هي "مشروع التمكين البلدي" (MERP) بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat). ويتم تنفيذه بالشراكة مع وزارة الداخلية والبلديات وبتمويل من الاتحاد الأوروبي.
يقول حسن وهو يسير في أروقة المبنى الذي جُدّد مؤخرًا: "يبدو الأمر وكأننا انتقلنا من حياة بدائية إلى حياة حضارية". ويتابع أسامة: "بدأت إعادة التأهيل من الصفر وغطت جميع الجوانب مثل الكهرباء والصرف الصحي. لقد قدموا حتى الأثاث والأسرّة وسيوفرون قاعة رياضية".
إلا أن هذا التحول لا ينتهي فقط عند الجدران والأسقف بل شمل توفير معدات جديدة مثل شاحنات الإطفاء، وسلالم الهروب، والحواجز المحمولة للسلامة على الطرق، وطفايات الحريق، والسترات الواقية، والسراويل، والأغطية، والأحذية، بالإضافة إلى قائمة طويلة من معدات مكافحة الحرائق والمعدات الرياضية. يقول أسامة:
"الآن، يمكننا الاستجابة بشكل أسرع، وتغطية المزيد من الأراضي، واتخاذ القرارات التي يمكن أن تنقذ الأرواح".
كما لم تقتصر عملية إعادة التأهيل على توفير التحسينات المادية للفوج فحسب؛ بل شملت أيضًا التدريب. أصبحت الدورات التدريبية حول تقنيات مكافحة الحرائق والإجراءات المنقذة للحياة أساسية في أسلوب عمل الفوج. فقد تلقى رجال الإطفاء في الفوج تدريبًا متخصصًا في الإسعافات الأولية قدمه الصليب الأحمر اللبناني وتدريبًا متعلقًا بالتقنيات المتقدمة لمكافحة الحرائق من قبل الدفاع المدني، وأخرى متعلقة برسم الخرائط وفحص المباني في أربع مناطق تجريبية مختارة لتعزيز السلامة العامة في مراحل لاحقة في المدن الأربع الأعضاء في الاتحاد.
يتابع حسن وأسامة القول:
"لقد أفادتنا التدريبات التي تلقيناها إلى حد كبير على الأرض الميدانية. نحن الآن مجهزون بشكل أفضل للتعامل مع السيناريوهات الصعبة أثناء حوادث الحرائق وعمليات الإنقاذ. لقد تعلمنا تقنيات وأساليب جديدة؛ وبعض الأساليب التي كنا نعتقد أنها صحيحة، ثبت أنها خاطئة".
ومن الجدير بالذكر أن أكثر من 450 ألف نسمة في المدن الأربع في اتحاد بلديات الفيحاء، بما في ذلك طرابلس والميناء والبداوي والقلمون، يستفيدون من مبنى فوج الإطفاء الذي تم إعادة تأهيله وتجهيزه.
يختتم أسامة بالقول: "إن مهمتنا هي إنقاذ حياة الناس وممتلكاتهم. كانت لدينا الإمكانية لتحقيق هذه المهمة لكنها الآن زادت".
وفي ظل الأزمة الحالية المتفاقمة، تساند الأمم المتحدة في لبنان بدعم سخي من الاتحاد الأوروبي السلطات المحلية في الحفاظ على الخدمات الأساسية في إطار هذا المشروع. لكن الأزمة أثرت بشكل كبير على شرائح مختلفة من الشعب اللبناني بما فيهم رجال الإطفاء. يختتم حسن بالقول: "نحن ممتنون لدعم الأمم المتحدة، لكننا نفتقر إلى الدعم المالي والصحي. في بعض الأحيان لا نستطيع تحمل تكلفة رحلة المجيء إلى الفوج".