دبلوماسيون شباب في طور التكوين: طلّاب لبنانيون ولبنانيّات يغوصون في عالم الأمم المتحدة
١٥ فبراير ٢٠٢٤
طلّاب نموذج الأمم المتحدة في مدرسة راهبات القلبين الاقدسين- كفرحباب يزورون بيت الأمم المتحدة في بيروت.
في 6 شباط/فبراير 2024، فتح بيت الأمم المتحدة في بيروت أبوابه لمجموعة من طلّاب الصفّ العاشر في مدرسة راهبات القلبين الاقدسين- كفرحباب، جميعهم مشاركين في برنامج نموذج الأمم المتحدة (MUN). وقد أتاحت لهم هذه الزيارة فرصة التعرّف عن كثب إلى عالم الدبلوماسية، والمفاوضات، ومنع نشوب الصراعات.
لقاء بمسؤول رفيع المستوى في الأمم المتحدة
شكّل تفاعل الطلّاب مع المنسّق المقيم ومنسّق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان، السيد عمران ريزا، الحدث الأبرز في هذا اليوم. حيث تخلّل هذا اللّقاء، المنظّم من مكتب المنسّق المقيم للأمم المتحدة في لبنان ومركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت، عرضاً للتحدّيات الوطنيّة والإقليميّة الماثلة، بالإضافة إلى المهارات الأساسيّة اللّازمة التي يجب أن يتمتع بها كل قيادي أممي ناجح وفاعل.
وفي معرض حديثه مع دبلوماسيّي المستقبل الشباب والشابات، أكّد ريزا على التزام الأمم المتحدة بإشراكهم وتمكينهم، مركّزاً على البرامج الأمميّة المختلفة التي تطالهم والتي تقودها كيانات الأمم المتحدة في لبنان بهدف المساعدة في تحديد القادة الشباب ومساعدتهم على تطوير مهاراتهم وإمكاناتهم، مشدّداً على أنّ "الاستثمار في الشباب هو استثمار في المستقبل."
وعندما سُئِلَ عن التحديات التي تواجه الأمم المتحدة في ظلّ انتشار المعلومات المضلّلة والمشاعر المناهضة للاجئين، شدّد ريزا على الدور الجوهري للشباب في مكافحة خطاب الكراهية والمعلومات الخاطئة والمضلّلة. وتوجّه ريزا إلى الطلاّبقائلاً: "أنصحكم بالاستفادة بشكل جيّد ومفيد من المنصّات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي للحدّ من انتشار المعلومات الخاطئة والمضللة". كما تناول ريزا أيضاً مجموعة المهارات والقِيَم التي يجب أن يتمتّع بها أولئك الذين يطمحون إلى تولّي أدوار قيادية في الأمم المتحدة في المستقبل.
"نحلم بلبنان": التعلّم من خلال الواقع الافتراضي
وتخلّلت الزيارة عرضاً لفيلم وثائقي يصوّر الواقع الافتراضي تحت عنوان "نحلم بلبنان" ويقدّم تجربة تدخل في عمق حياة فئة الشباب اللّبناني وآمالهم/نّ للمستقبل وسط هذه الفترات الصعبة التي تمرّ بها البلاد. وللعلم، يستخدم الفيلم الوثائقي الذي أنتجه مكتب المنسّق الخاصّ للأمم المتحدة في لبنان وخلية الابتكار في إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام التابعة للأمم المتحدة، تقنيّة تصوير متطوّرة بزاوية 360 درجة تمكّن المشاهدين/ات من مشاهدة قصص تُبرز الوجه الإنساني للبنان وتبعث في قلوب المشاهدين/ات شعور الأمل والصّمود في وجه المصاعب.
وقد تأثّر الطلّاب بشكل خاصّ بقصص "جوزفين أبو عبدو" و"بتول حكيّم" المذكورتين ضمن القصص الواردة في الفيلم الوثائقي، حيث أشعلت في نفوسهم حسّ المثابرة والالتزام تجاه لبنان. وقال الطالب بول معيقل: "يشكّل هذا الفيلم الوثائقي درسًا حيًا لجهة التمتّع بالأمل والصمود، إذ أظهر لنا أنّه بالرغم من الشدائد، يمكننا أن نحلم بمستقبل أفضل ونعمل من أجل تحقيقه".
نبذة عن المفاوضات ومنع الصراعات
أعقب عرض الفيلم الوثائقي جلسة تثقيفيّة تفاعليّة مع خبراء من مكتب المنسّق الخاصّ للأمم المتحدة في لبنان، السيدة باسكال القسّيس والسيد علاء عبد العزيز، حول المفاوضات ومنع نشوب النزاعات، حيث قام كلاهما بتعريف الطلّاب على سُبُل تطبيق مهارات التفاوض والوِساطة واستراتيجيات منع نشوب النزاعات على أرض الواقع.
وأدّى هذا التفاعل إلى إثراء فهم الطلّاب لهذه المفاهيم والاستراتيجيات، ممّا أثار نقاشات حيّة ساعدت في صقل مهاراتهم القيادية والتواصلية.
وفي تعليقه على الجلسة، قال موريس نصر إنّه "معجب" بكيفيّة قيام الأمم المتحدّة بصياغة استراتيجيّاتها التفاوضية وإدخالها حيّز التنفيذ. أمّا تيا عازار، فوصفت الجلسة بـأنها ”تفاعلية بامتياز".
تجربة لا تُنتسى
أعرب الطلّاب بالإجماع عن تقديرهم لهذه الزيارة، مسلّطين الضوء على الدور الذي اضطلعت به هذه الزيارة لجهة تعميق فهمهم لطرق عمل الأمم المتحدة ومساهمتها في تعزيز مفهومهم العملي لما تعلّموه في نموذج الأمم المتحدة في مجال الدبلوماسية الدولية. وأشار الطالب كارل مشيلع في هذا السياق: "قدّمت هذه الزيارة لمحة نادرة من وراء الكواليس عن الدبلوماسية الدولية، وعن معلومات حيوية أخرى تتجاوز ما تعلّمناه ضمن الفصول الدراسية".
وفي السياق عينه، لخّصت هدى الحسامي، منسّقة نموذج الأمم المتحدة ومعلّمة اللّغة الإنكليزية في مدرسة راهبات القلبين الاقدسين في كفرحباب، الزيارة بالقول: "لقد كانت تجربة تعليمية صارمة ومؤثرة لا تُنتسى، ساهمت في توسيع آفاق طلّابنا، وتزويدهم بفهم أعمق للدور المحوري للأمم المتحدة في معالجة الأزمات العالميّة والمحليّة."
من جهّتها، قالت إليزابيث بطرس، رئيسة قسم الصفّين التاسع والعاشر في المدرسة الآنف ذكرها: "بشكلٍ عام، إنّ هذه الزيارة لا تُنتسى لأنّها أغنت جميع المشاركين فيها. ونحن نشيد بالاستقبال والمعاملة الاحترافية والاستثنائية".
إنّ هذه التجربة الغامرة لم تساهم فقط في تثقيف تلك العقول الشّابة حول عالم الدبلوماسية وآلياتها والجهود الإنسانية المبذولة من الأمم المتحدة فحسب، بل ألهمتهم أيضًا لتصوّر دورهم الحيوي في صياغة مستقبل أفضل للبنان والعالم.