دولة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي،
سعادة السادة الوزراء،
سعادة السيدة كلودين عون، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية،
الضيوف المحترمون،
سيداتي وسادتي،
يشرّفني أن أكون هنا اليوم حيث نجتمع لنحتفل بالإنجازات التي حقّقها لبنان في تطبيقه لخطة العمل الوطنية الأولى المتعلقة بتنفيذ القرار 1325 لمجلس الأمن. وأحيي الجهود المستمرة التي تبذلها رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في الوقت الذي يتهيأ فيه لبنان لإعداد خطة عمله الوطنية الثانية في هذا المجال.
انطوت هذه المساعي على مقاربة ركّزت على تعدد أصحاب المصلحة، وهنا، أود أيضا أن أحيّي الدور الهام الذي قامت به هيئات المجتمع المدني اللبناني في هذا الإطار.
وقد أكون مقصّرا، جيلان، إذا ما غفلت عن التنويه بالدور الرئيسي الذي قامت به هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدفع قدمًا بمسار تحقيق أجندة المرأة والسلام والأمن في لبنان. وأتقدّم بخالص الشكر لكم ولزملائكم على التزامكم وجهودكم المستمرة.
بينما نحن هنا للاحتفال بالتقدم الذي أحرزه لبنان لإنشاء مجتمعات مسالمة ومزدهرة من خلال دعم المرأة ودورها الرئيسي في بناء السلام، يتحتّم علينا التذكير بالظروف الصعبة الدقيقة القائمة.
في زمن تتفاقم فيه الصراعات العالمية، من المهم بالنسبة لنا أن نلتقي للتوصل إلى حلول جامعة ولتفادي المزيد من النزاعات، مع التأكيد على الدور المهم للجهات الوطنية الفاعلة في إنشاء آليات لبناء السلام والإغاثة والتعافي وفي خلق مجتمعات مندمجة، قادرة على إدارة التوترات.
إنّ أجندة المرأة والسلام والأمن، إلى جانب خطط العمل الوطنية الخاصة بتنفيذ القرار 1325، تمثّل أدوات فعّالة لتوحيد المكونات الوطنية الفاعلة خلال الأزمات، ومساعدة الكل للعمل معا لتحقيق سلام مستدام والمساواة بين الجنسين.
إنّ منظمة الأمم المتحدة مستمرة في التزامها بدعم لبنان في اجتياز هذه الأوقات المضطربة. واسمحوا لي هنا أن أشكر مجمل الجهات المانحة وشركائنا الذين كانوا دائمًا داعمين لهذه الجهود.
سيداتي وسادتي،
حقّق لبنان في إطار تنفيذه لخطة عمله الوطنية الخاصة بالقرار 1325 إنجازات ملحوظة، عبر الركائز الخمس لهذه الخطة على الرغم من الظروف الصعبة التي رافقت تطبيق هذه الخطة منذ إطلاقها في العام 2019. أوّد هنا أن أسلّط الضوء على بعض الإنجازات الرئيسية، التي نعتبر في الأمم المتحدة أنها تنطوي على أهمية خاصة بالنسبة إلى المستقبل في لبنان:
• على المستوى المؤسسّي، كانت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وراء زيادة مشاركة ضباط وضابطات الارتكاز الجندري في المؤسسات العامة، ووراء تعيين المزيد منهم/منهنّ فيها.
• أرست خطة العمل أرضيّة أساسيّة بغية زيادة مشاركة النساء في مجال إصلاح القطاع الأمني، مما أتاح، مثلا، انضمام المزيد من النساء إلى الجيش اللبناني.
• بالإضافة، دعمت خطة العمل موقع النساء كصانعات سلام وكقياديات وفاعلات في مسارات المصالحة والحؤول دون نشوب النزاعات والوساطة على مستوى الجماعات.
• كذلك، وضعت خطة العمل الوطنية إطارا لإحراز تقدم باتجاه إصلاح تشريعي متجاوب مع قضايا النوع الاجتماعي لتوفير حماية أفضل للنساء من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وهنا أود أن أسلط الضوء على عملية إقرار القانون رقم 205 لسنة 2020 الذي جرّم التحرّش الجنسي.
• كما حققت الخطة إنجازات هامة في مجال توفير الإغاثة والتعافي للناجيات.
إن الاستثمار في الوقاية، وفي المبادرات المحلية التي تقودها النساء، يقع في صلب أهداف أجندة السلام الجديدة للأمين العام للأمم المتحدة، ويسعدني جدا أن أرى أنّ لبنان قد باشر في تحقيق التقدم في إرساء أسس لسلام مستدام.
إنّ نجاح هذه الجهود تحقّق بفضل الجهود التي ثابرت على بذلها الحركة النسوية لكسب التأييد لمطالبها وإسماع صوتها.
أصحاب السعادة، الحضور الكريم، زملائي في الأمم المتحدة،
وبينما نحيي اليوم التقدّم الذي تحقّق من خلال خطة العمل الوطنية الأولى، لنا أن نعترف بأن رحلتنا لا تزال بعيدة عن الوصول إلى الأهداف. وفي هذا الصدد، اسمحوا لي أن أتقدّم بلائحة تمنيات بالأولويات:
أولا، تسريع وتيرة التقدّم عبر اتخاذ إجراءات هادفة تضمن مساواة النساء والرجال في القيادة والتمثيل على جميع مستويات صنع القرار السياسي، بما في ذلك اعتماد كوتا نسائية. لقد حان الوقت لإعادة الدور الريادي الذي كان للبنان في الخمسينات، عندما كان أول بلد عربي يمنح المرأة حق التصويت.
ثانيا، تسريع وتيرة التمكين الاقتصادي للنساء من خلال الاستثمار في مجال تعليمهن وعملهن ومهاراتهن، ومن خلال دعم المساندة الاجتماعية والخدمات الرعائية المستجيبة لحاجات النساء .
ثالثا، على الرغم من التقدم المحرز في لبنان، لا يزال العنف ضد النساء والفتيات منتشراً، مما يعيق عملية تحقيق المساواة في الحقوق بين الجنسين ويهدّد سلامة النساء في البلاد. إنني أشجع جميع الأطراف على العمل معا لإقرار القوانين اللازمة ووضع الآليات الكفيلة بحماية النساء والفتيات ومنع تعرّضهنّ للعنف.
رابعا، يجب أن تكون هناك استثمارات مستدامة وكافية في تطوير القيادة النسائية الرامية إلى الحؤول دون نشوب النزاعات ولبناء السلام، على المستوين المحلي والوطني على حد سواء، وذلك بغية الحفاظ على مكتسبات لبنان الإنمائية.
وأعتقد، في تطلّع مستقبلي، أنّه من المهم جدا للبنان التركيز على الربط بين المساعدات الإنسانية والتنمية والسلام، خاصة في ظل النزوح الجماعي القائم في الجنوب.
من الضروري تناول الحاجات الخاصة لأكثر من 90,000 نازح ونازحة، معظمهم من النساء والأطفال، سبق لهم أن عانوا بشدة من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها لبنان. بالإضافة، إنّ الاعتراف بالمساعدة الإنسانية الهامة، التي يتم توفيرها للجماعات المتضرّرة، والتي تقوم النساء بالعديد منها، هو أساسي في مسار لبنان باتجاه التنمية المستدامة والصمود.
أخيرا، أهنئ مرة أخرى معالي السيدة كلودين عون والحكومة اللبنانية على الإنجازات الهامة لخطة العمل الوطنية اللبنانية بشأن القرار 1325.
شكرا.