دولة الرئيس نجيب ميقاتي،
معالي وزير الدولة نجلاء الرياشي،
أصحاب السعادة،
الأصدقاء والزملاء الكرام،
نجتمع اليوم لإطلاق التقرير الثاني حول تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد (2020-2025) في لبنان، وهي لحظة مهمة في التزامنا المستمر بالشفافية والمساءلة.
مرت أربع سنوات منذ صدور هذه الاستراتيجية التي تم تطويرها من خلال عملية تشاورية وشاملة بإدارة رئيس الوزراء ومكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، بدعم من الأمم المتحدة، على وجه التحديد، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP). وتمثّل الاستراتيجية خارطة طريق لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية وتعزيز المساءلة في جميع القطاعات.
على الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها لبنان، فإن الحضور المتنوع في هذه القاعة اليوم - من أصحاب المصلحة من المؤسسات العامة، والمجتمع المدني، والشباب، والأوساط الأكاديمية، والقطاع الخاص، ووسائل الإعلام - يؤكد إيماننا المشترك بأن معالجة الفساد هي الأولوية الرئيسية في إطار التعافي والإصلاح وإعادة الإعمار في لبنان.
ويؤكد هذا التقرير الثاني على التقدم الملموس الذي تم إحرازه في مجال مكافحة الفساد، ويظهر التزام الحكومة اللبنانية باعتماد الاستراتيجية وإشراك جميع الشركاء بفعاليّة في مراقبة وتقييم تنفيذها.
بدعم سخي من الاتحاد الأوروبي وحكومة مملكة الدنمارك، تقف الأمم المتحدة إلى جانب الحكومة اللبنانية في رصد وتوثيق التقدم المحرز في مكافحة الفساد. لا يسلّط هذا التقرير الضوء على الإنجازات فحسب، بل يحدّد أيضًا مجالات التحسين لتحقيق أقصى قدر من التأثير في المجالات المستهدفة.
في السنوات الأربع الماضية، حقق لبنان نتائج ملموسة، بما في ذلك إقرار البرلمان لقوانين مهمة وتفعيل قانون الشراء العام؛ إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد؛ وبدء القضاء بالتحقيق في جرائم الفساد. وقد ساهمت جهود المجتمع المدني في تعزيز تنفيذ الاستراتيجية، كما وتستحق مشاركة جيل الشباب القيمة في لبنان تقديراً خاصاً.
ومع ذلك، فإن مسيرتنا ضد الفساد لم تنتهِ بعد. فهي تتطلب التزامًا مستدامًا، وعملًا جماعيًا، وتصميمًا لا يتزعزع من جميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك المؤسسات الحكومية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والمجتمع الدولي.
أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
تبقى الأمم المتحدة، مع شركائنا، ثابتة في دعم التنسيق الفعّال بين جميع الجهات المسؤولة عن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد. وفي مقدمة الجهود التنسيقية، اللجنة الوزارية لمكافحة الفساد التي يقودها رئيس مجلس الوزراء، واللجنة الفنية المساندة لها برئاسة وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية.
بالإضافة إلى ذلك، يمتد دعمنا إلى تنفيذ قوانين مكافحة الفساد، مع رصد تقدم ملحوظ في تقديم التصاريح عن الذمة المالية والمصالح أمام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وتعامل الأخيرة مع الشكاوى المتعلقة بالحق في الوصول إلى المعلومات.
مع ذلك، بينما نواصل دعم العمل الأساسي للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، هناك حاجة إلى الإسراع في ضمان تزويد الهيئة بالعدد الكافي من الموظفين لتقوم بمهامها بفعالية. لتوضيح الصورة، تم انتداب 3 موظفين فقط من أصل 85 فردًا في الهيئة حتى الآن، وهو رقم ضئيل جدًا.
وعلاوة على ذلك، أود أن أشدد كيف تعمل الأمم المتحدة، من خلال مختلف وكالاتها الأممية وخاصة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على تعزيز شراكاتها للتصدي للفساد في القطاعات الحاسمة التي تؤثر تأثيرا ملحوظاً على حياة الناس اليومية. والجدير بالذكر أن البرنامج تعاون بشكل وثيق مع الجامعة اللبنانية لإجراء تقييم لمخاطر الفساد ووضع خطة عمل تحدد الأولويات الرئيسية وتدمج تدابير رقمية محددة للتخفيف من هذه المخاطر.
وقد امتد دعمنا إلى محكمة بيروت للتنفيذ، حيث ساعدنا في رسم الخرائط وتقييم المخاطر المرتبطة بالعملية الآلية لإسناد القضايا إلى القضاة. وفي الوقت الحالي، نقوم بتوسيع مساعدتنا لتشمل تقييماً لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لبرامج المحكمة وأنظمة الأجهزة، والتي ستساعد في تمكين تنفيذ الأولويات الرئيسية. وتهدف هذه المبادرات إلى تحديد الحلول الرقمية التي تمنع الفساد في هذه المبادرات والعمليات ذات الصلة.
وأخيرًا، بينما نستعرض التقدم المُحرز والتحديات المقبلة، دعونا نؤكد من جديد التزامنا بمكافحة الفساد وتعزيز الحوكمة الرشيدة في لبنان. فلنعمل معًا من أجل مستقبل تسوده الشفافية والمساءلة والنزاهة، ولإرساء الأساس لمجتمع أكثر عدلاً وازدهارًا للجميع.
وشكرًا