الأمم المتحدة تدعم الممارسات الزراعية الجيدة لتحسين المحاصيل وحماية البيئة
تعرّفوا على علي، أحد المستفيدين من برامج الأمم المتحدة، الذي يطبق ممارسات زراعية صديقة للبيئة وجيدة.
ورث علي الخطيب، 35 عاماً، عمله في زراعة البطاطا في بلدة كفرزبد البقاعية في لبنان من عائلته. إذ بدأ العمل مع والده في الخامسة عشر من عمره، معتمداً منذ بدء عمله على استعمال كميات كبيرة من الأسمدة الكيماوية والمبيدات، فضلاً عن كميات كبيرة من مياه الري لاعتقاده بأن هذه الأساليب الزراعية ستنتج له محاصيل أفضل، كميةً ونوعيةً. لكن مفاهيم وممارسات علي في مجال الزراعة بدأت تتغير قبل أشهرٍ قليلة بعدما التقى متخصصين زراعيين عرّفوه على ممارسات زراعية جديدة.
يقول علي: "الزراعة هي مهنتي وجزء من تاريخ عائلتي، لذلك فإن تعلم الممارسات الزراعية الجيدة في زراعة البطاطا يجعل مشاعري حول نفسي ومهنتي أفضل. فالممارسات الجديدة التي تعلمتها هي أيضاً أكثر فعالية من الناحية المالية والبيئية".
زراعة البطاطا: تخصص عائلي
لطالما أراد علي أن ينضم إلى إدارة أعمال عائلته التي ورثها والده عن جده في الثمانينات. وبما انه كان دائماً يعرف ما يريد ان يفعله في المستقبل، لم يتابع علي تعليمه بل ركّز على تعلّم أساسيات زراعة البطاطا. يضيف علي: "تشتهر عائلتي بتخصّصها في الزراعة وقد قرّرت ان اتمسّك بمهنة جدي عندما أكبر".
لطالما كان هم علي الأكبر في مهنته كمزارع أن يزيد إنتاجية أرضه وأن يجعل عمله أكثر ربحاً، لكنه لم يكن على دراية بالآثار السلبية لممارساته الزراعية على الموارد المائية الطبيعية التي تحيط ببلدته ومن ضمنها نهر الليطاني. ويشير علي إلى أنه "لم يخطر لي ان أساليبي الزراعية تلوث وتستنزف الموارد المائية الطبيعية وتؤذي البيئة. فنحن نسكن بجانب بحيرة القرعون ونهر الليطاني ولا أحد يتعمّد أن يلوّث محيطه".
الإعتراف بالممارسات السّيّئة في الماضي
في محاولةٍ منهم لتقليل نسبة التّلوّث المائي في نهر الليطاني وبحيرة القرعون بسبب الكيماويات الزراعية، قامت الأمم المتّحدة عبر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في لبنان وبالتعاون مع وزارة الزراعة بتنفيذ مشروع يضم متخصصين زراعيين في الحوض الأعلى لنهر الليطاني (زحلة والبقاع الغربي وبعلبك) مهمتهم تقديم وتعزيز "الممارسات الزراعية الجيدة" ومن ضمنها "الإدارة المتكاملة للافات" بين المزارعين الذين يعملون في زراعة البطاطا في المنطقة.
وفي إطار مشروعين مموّلين من قبل الحكومة النرويجية والبنك الدولي، استخدمت الفاو ووزارة الزراعة ادلّة ملموسة لرفع الوعي بين المزارعين حول التأثير السّلبي للمارسات الزراعية التقليدية وتشجيع مزارعي البطاطا لاستخدام كميات أقل من الأسمدة الكيماوية والمبيدات ومساعدة المزارعين على إيجاد ممارسات زراعية أكثر استدامة من شانها أن تزيد انتاجية وتحسن نوعية المحاصيل الزراعية بينما تحافظ على المياه وتحمي البيئة.
شأنه شان مزارعين آخرين، شارك علي بتجربة مقارنة حقلية تقضي بزراعة 5 دونم من أرضه بحيث تستخدم كمية محددة علميا من الأسمدة الكيماوية. على نحوٍ غير مُتَوقع، وجد علي أن تجربة المقارنه لم تنتج الكمية نفسها من البطاطا فقط، بل أكثر بقليل. ويقول: "عندما تواصل معي المتخصصين في بادئ الأمر بهدف إقناعي باهمية تقليل كمية الكيماويات الزراعية التي استعملها عادة لم أكن متعاوناً إذ لم أصدّقهم في بادئ الأمر ولم أكن انوِ أن أغير ممارساتي لكن الإنسان الحكيم لا يمكنه أن ينكر الأدلّة الواقعية".
وانخفض استخدام الأسمدة الكيماوية بنسبة 52% والمبيدات الكيماوية بنسبة 61% في مجال زراعة البطاطا في منطقة الحوض الأعلى لليطاني في البقاع.
وشارك علي إلى جانب مزارعين آخرين في سلسلة من الندوات بين شهري تشرين الأول وتشرين الثاني عام 2022 لمناقشة نتائج تجارب المقارنة وسبل المضي قدماً. ويقول:
"أشعر بالسّعادة حيال تعلّمي طرق تمكّنني من موازنة رغبتي بتحقيق الأرباح مع واجبي بحماية البيئة المحيطة".
نشر المعرفة الإيجابية
ممقتنعاً بفعالية الممارسات الزراعية الجيدة التي تعلمها في إطار هذا المشروع، يحرص علي على نشر المعرفة بين المزارعين الذين لم يشاركوا في المشروع، ويقول: "بعد التحدّث مع العديد من المزارعين يمكنني أن أؤكد أن غالبية المزارعين منفتحون على تغيير ممارساتهم بعد أن لاحظوا التأثير الإيجابي للمشروع على أرباح زراعتهم وعلى البيئة فضلاً عن رفاه القرى المحيطة بنهر الليطاني وبحيرة القرعون والتي تعتبر مسكناً لنا جميعاً".